كبار المواطنين مصدر للفخر

07/10/2020 الشؤون الاجتماعية | حصة بنت عيسى بوحميد

 3983     0


 1 أكتوبر "يوم المسن العالمي". وهذا العام 2020 يصادف الذكرى 30 ليوم المسن، وهو عام ظهور جائحة كوفيد-19، لذلك جاء احتفاء الأمم المتحدة بـ"كبار السن" تحت شعار تعزيز حماية كبار السن عالمياً.. كل ذلك يصب في خانة "ضمان حياة صحية وتعزيز الرفاهية للجميع في جميع الأعمار"، وهو الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.


هذا اليوم الذي يمهّد ويؤكد أولوية رعاية وحماية كبار السن عالمياً، خلال الأوبئة وما بعدها، يستظل بمجموعة من الأهداف تتضمن رفع مستوى الوعي بالاحتياجات الصحية الخاصة لكبار السن وإسهاماتهم في صحتهم وفي المجتمعات التي يعيشون فيها، وزيادة الوعي والتقدير لدور القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية في الحفاظ على صحة كبار السن وتحسينها، مع إيلاء اهتمام خاص لمهنة التمريض، وزيادة فهم تأثير جائحة كوفيد-19 على كبار السن وعلى سياسة الرعاية الصحية والتخطيط.


كبار السن هم "كبار المواطنين" في دولة الإمارات العربية المتحدة، يعيشون في كنف رعاية حكومية نموذجية أساسها تعاليم الدين الإسلامي والقيم الأصيلة المتجذرة و"السنع" الذي تتوارثه الأجيال بقناعة مستدامة.


لنعود قليلاً إلى ما قبل الجائحة، إلى أكتوبر 2018، حيث أطلقت حكومة دولة الإمارات "السياسة الوطنية لكبار المواطنين"، للارتقاء بجودة حياتهم، وضمان مشاركتهم الفاعلة والمستمرة ضمن النسيج المجتمعي في الدولة، تزامناً مع توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتغيير مصطلح "كبار السن" إلى "كبار المواطنين".


صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عَكَسَ نهج دولة، ورؤية حكومة، وثقافة مجتمع، حين قال: "كبار المواطنين هم كبار في الخبرة وكبار في العطاء، ولا يمكن تحقيق التماسك الأسري والتلاحم المجتمعي إلا بضمان الحياة الكريمة لهم.. كبارنا هم الشباب الذي لا ينضب عطاؤهم، وأحث أبناء الإمارات على أن ينهلوا من تجاربهم وخبراتهم وأن ينتهجوا ثقافة العطاء والتفاني والإخلاص.. لا يمكن أن ننسى كل ما قدمتم ولا زلتم تقدمون لدولة الإمارات ونقول لكم أنتم فخرنا وقدوتنا.. راحتكم، وصحتكم، واستقراركم، وجودة حياتكم واجب إنساني ووطني، وحكومة الإمارات ترد الجميل دائماً لكل من يساهم في نهضتها".


الكبير في ثقافة مجتمع دولة الإمارات هو الأهم.. يتقدم الصفوف وتفتح له الأبواب ولا يُقال له إلا "تم".. هكذا هي المعادلة في دولة تأسست على مبدأ التماسك والتلاحم. هذه المعادلة تعكسها مبادئ وسياسات وإنجازات متلاحقة. السياسة الوطنية لكبار المواطنين مثلاً ارتكزت على 4 أهداف استراتيجية و7 محاور رئيسية و26 مبادرة ومشروعاً مستداماً تتشارك وزارة تنمية المجتمع في تنفيذها مع مختلف المؤسسات والهيئات الحكومية والخاصة، بما يضمن تحقيق المستهدفات على أرض الواقع كأسلوب حياة، وتوفير متطلبات العيش الكريم لكبار المواطنين ولجميع فئات المجتمع، وصولاً لأهداف مئوية الإمارات 2071، ورؤية "أسعد شعوب العالم".


الرعاية الصحية، والتواصل المجتمعي والحياة النشطة، واستثمار الطاقات والمشاركة المدنية، والبنية التحتية والنقل، والاستقرار المالي، والأمن والسلامة، وجودة الحياة المستقبلية.. 7 محاور أساسية للسياسة التي صُممت في إطار تطوير الخدمات الاجتماعية للفرد ما بعد سن الــ60.. وفي غضون أقل من عامين على إطلاق السياسة بلغ عدد كبار المواطنين المستفيدين من مبادراتها 14.400 شخص.


أما القانون الاتحادي رقم 9 لسنة 2019 بشأن حقوق كبار المواطنين الذي جاء بعد عام على إطلاق السياسة، فقد وُجد لضمان تمتع كبار المواطنين بالحقوق والحريات الأساسية التي كفلها الدستور، والمعلومات والخدمات المتعلقة بحقوقهم، وتوفير الرعاية والاستقرار النفسي والاجتماعي والصحي لهم.. هي أيضاً 7 حقوق: الحق في الاستقلالية والخصوصية، الحق في الحماية، الحق في البيئة المؤهلة والسكن والتعليم والعمل وتعزيز الاستفادة من قدراتهم، الحق في الحصول على الخدمات الاجتماعية، الحق في الرعاية الصحية، الحق في الحفاظ على سرية معلوماتهم وبياناتهم، وأخيراً الحق في المعاملة التفضيلية بجعل مصلحة كبار المواطنين ذات أولوية مها كانت مصالح الأطراف الأخرى في كل ما يتعلق بطلبات السكن، وإنجاز المعاملات الحكومية، الحصول على المساعدات، والخدمات الصحية وغيرها.


هذه المعاملة التفضيلية التي ننتهجها في وزارة تنمية المجتمع أفضت إلى مبادرات نوعية تمس حياة كبار المواطنين والأسرة والمجتمع عموماً، مجموعة خدمات وامتيازات سيتم الإعلان عنها لاحقاً، وأندية نهارية على شكل مؤسسات أسرية متكاملة ضمن مراكز التنمية الاجتماعية التابعة للوزارة، تضم برامج متنوعة في المجالات الصحية، الترفيهية، التثقيفية، الاجتماعية والرياضية، بالإضافة إلى مرافق مختلفة تخدم فئة كبار المواطنين بشكل خاص.


مبادرة "نحن أهلكم" تم إطلاقها على بُعد أشهر من إطلاق السياسة، وقد بدأت بالزيارات الميدانية من أسرة الوزارة لكبار المواطنين في منازلهم أو دور الرعاية في مختلف مناطق الدولة. ومع تفشي جائحة كورونا تم تفعيل "نحن أهلكم - عن بعد"، لتصبح مبادرة اجتماعية تطوعية، كجزء من حملة "الإمارات تتطوع" يتم فيها التواصل الهاتفي بين المتطوعين المسجلين في المنصة الوطنية للتطوع وكبار المواطنين، ضمن شروط وضوابط محددة، للاطمئنان عليهم والوقوف على احتياجاتهم، وقد شارك في المبادرة أكثر من 60 متطوعاً إلى جانب موظفي الوزارة الذين أجروا أكثر من 12.000 مكالمة وتقرير تم إدراجه في النظام الإلكتروني المخصص للمبادرة.


ما يقارب 50% من الدعم الذي تقدمه وزارة تنمية المجتمع لمختلف فئات المجتمع موجّه لكبار المواطنين، سواء كان ذلك بالمساعدات الاجتماعية الشهرية أو في المشاريع والمبادرات التي يتم تنفيذها وإيصالها إلى منازل كبار المواطنين.


كبار المواطنين يشغلون ما نسبته 10.4 % من إجمالي الأسر الإماراتية المنتجة المنضمة لبرنامج "الصنعة" التابع لوزارة تنمية المجتمع، يديرون مشاريع تجارية واستثمارية خاصة في شتى القطاعات كالمنتجات الغذائية، والصناعات الحرفية، والأثاث والمفروشات، ويقدر دخل كبار المواطنين من خلال مشاركتهم في المعارض الموسمية فقط ضمن برنامج الصنعة بربع مليون درهم، بالإضافة إلى عوائد ربحية أخرى من خلال المجهود الفردي لكبار المواطنين عبر منافذ البيع المختلفة.


أكثر من 2056 شخصاً من كبار المواطنين المتطوعين تم تسجيلهم في المنصة الوطنية للتطوع "متطوعين.امارات" بمسمى "كبار المتطوعين"، وخلال الفترة الماضية تم التواصل هاتفياً مع 3725 شخصاً من كبار المواطنين المستفيدين من الضمان الاجتماعي، للاطمئنان عليهم وإنجاز إجراء التحديث الدوري لهم شهرياً، تماشياً مع الإجراءات الاحترازية لجائحة كورونا. أما "نوصلكم" فهي مبادرة تنموية مستدامة نُقدم من خلالها الرعاية الصحية المنزلية لكبار المواطنين، ونصل بها إليهم لتحديث بياناتهم السنوية.


في عجمان حيث يقع مركز سعادة كبار المواطنين التابع للوزارة يتم تقديم مجموعة من الخدمات المتكاملة المصممة وفق احتياجات كبار المواطنين، لمقيمي المركز والزائرين من كبار المواطنين، كالفحوصات الطبية والعلاج الطبيعي والتأهيلي، وذلك بالتعاون مع المستشفيات والعيادات الحكومية والخاصة والجامعات ذات التخصصات الطبية، بالإضافة إلى الخدمات الترفيهية والتثقيفية المتماشية مع المناسبات المحلية والعالمية، والتي استفاد منها هذا العام أكثر من 500 شخص من كبار المواطنين.


برنامج بناء القدرات لكبار المواطنين استهدف حتى الآن 42.170 شخصاً في إطار التدريب على استخدام التكنولوجيا الحديثة في تيسير الأمور الحياتية، من خلال التطبيقات الذكية أو الأجهزة الإلكترونية، وذلك بالتعاون مع مجلس جودة الحياة الرقمية كشريك أساسي، بالإضافة إلى شراكات مختلفة من الجهات ذات الصلة.


وزارة تنمية المجتمع قامت أيضاً بترخيص 4 جمعيات نفع عام معنية بكبار المواطنين والمتقاعدين وبر الوالدين. "مساعي الخير" و"سواعد زايد" مبادرتان إضافيتان تتشاركهما الوزارة مع جهات أخرى لدعم كبار المواطنين. و"انتو عيدنا" مبادرة أخرى نعايد بها كبار المواطنين في مختلف أماكن تواجدهم.


الوزارة وبالتعاون مع المؤسسة الاتحادية للشباب، أطلقت خلال الفترة الماضية من الحجز المنزلي، "الدليل الإرشادي للاعتناء بكبار المواطنين أثناء انتشار الأوبئة"، بهدف التوعية بدور الشباب وكيفية الاعتناء بالكبار على أكمل وجه، حيث يقدم الدليل مجموعة متكاملة من الإرشادات التي تعزز من فرص مشاركة الشباب ضمن يوميات كبار المواطنين بما يساهم بتقوية العلاقات والروابط الأسرية ورفع مستوى الوعي بالمسؤولية لديهم تجاه كبار المواطنين بما يسهم بإيجاد بيئة داعمة متماسكة ينعكس أثرها الإيجابي على مختلف الأجيال.

تلك بعض الحقائق المشرقة التي تكشف اهتمام القيادة ودعم الحكومة وتقدير المجتمع لكبار المواطنين، كبارنا يحظون بالأهمية المجتمعية والأولوية في الخدمات الاستباقية.. فعلاً وليس قولاً كبار المواطنين في دولة الإمارات حالة استثنائية في "يوم المسن العالمي".


معالي حصة بنت عيسى بوحميد -وزيرة تنمية المجتمع


تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button