إن أهم إنجازات العلم الحديث وأعظمها جدوى للإنسان ظهور الشبكة المعلوماتية وما حققته تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من فوائد عديدة في مجال الرقي والتقدم الإنساني في أغلب مناحي الحياة الاقتصادية والتعليمية والطبية والقضائية، فلقد خلقت الشبكة المعلوماتية والفضاء الإلكتروني سلسلة من التحديات الجديدة والتهديدات دون اعتبار للجغرافيا والسيادة.
ولقد شهد العالم هذه الثورة المعلوماتية بما تعنية من سهولة وسرعة في انتقال المعلومة من خلال الحدث الذي اجتاح العالم بانتشار مرض كورونا، ولولا الشبكة المعلوماتية لتوقفت الحياة إلا أن هذه التقنية سمحت لأفراد المجتمعات باستمرار عجلة الحياة فلقد تحقق التعليم عن بعد، والتقاضي عن بعد، وكذا في مجالات شتى مما كان له من اْثر إيجابي لأفراد المجتمع.
ومما لا شك فيه أن الشبكة المعلوماتية سلاح ذو حدين إما أن يستخدم بشكل إيجابي أو العكس، لأنه وعلى الرغم من الفوائد العديدة للشبكة المعلوماتية على الإنسان، إلا أن الأمر لا يخلو من التأثيرات السلبية على حياته، فلقد واكب هذه الإنجازات بروز عدد من ذوي النفوس الضعيفة لم تعهدهم الإنسانية من قبل يتمتعون بالخبرة والحرفية في تطويع هذه التقنية للقيام بأعمال إجرامية تمثلت في بث الشائعات الكاذبة ونشر العادات السيئة والتشجيع عليها.
ولا يخفى على كل مبصر أن أي تطور تقني تكون له انعكاساتٌ على جميع المستويات بصفة عامه وفي إطار القانون الجنائي بصفة خاصة، فكل المخترعات الحديثة تحتاج إلى حماية جنائية، ولقد واكب المشرع الإماراتي هذا التطور بسن القوانين التي تكافح الجريمة المعلوماتية في ظل ما شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة من تعاظم استخدام الشبكة المعلوماتية وذلك لمواجهة الجرائم الإلكترونية ولغرض حماية المجتمع من مخاطرها ومهدداتها.
وحرصا من المشرع الإماراتي على حماية حقوق وخصوصية الأفراد فقد أصدرقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 وجاءت مواده مواكبة للتطور الحديث في حفظ الحقوق ومن ذلك على سبيل المثال :- نصت المادة (7) من القانون على أنه: يعاقب بالسجن المؤقت كل من حصل أو استحوذ أو عدل أو أتلف أو أفشى بغير تصريح بيانات أي مستند إلكتروني أو معلومات إلكترونية عن طريق الشبكة المعلوماتية أو موقع إلكتروني أو نظام المعلومات الإلكتروني أو وسيلة تقنية معلومات وكانت هذه البيانات أو المعلومات تتعلق بفحوصات طبية، أو تشخيص طبي، أو علاج رعاية طبية أو سجلات طبية.
- كما نصت المادة (12/ 1) على أنه: يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من توصل بغير حق، عن طريق استخدام الشبكة المعلوماتية أو نظام معلومات إلكتروني أو إحدى وسائل تقنية المعلومات إلى أرقام أو بيانات حسابات مصرفية، أو أي وسيلة من وسائل الدفع الإلكتروني.
- كما نصت المادة (16) من القانون سالف البيان على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من أبتز أو هدد شخصا آخر لحملة على القيام بفعل أو الامتناع عنه وذلك باستخدام شبكة معلوماتية أو وسيله تقنية معلومات.
وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات إذا كان التهديد بارتكاب جناية أ بإسناد أمور خادشه للشرف أو الاعتبار.
- ونجد أن المشرع الإماراتي قد عنى بحماية خصوصية الأفراد وسمعتهم إذ نصت المادة (20) من القانون المذكور على أنه: مع عدم الإخلال بأحكام جريمة القذف المقررة في الشريعة الإسلامية، يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مائتين وخمسين ألف درهم ولا تجاوز خمسمائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من سب الغير أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلا للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات.
فإذا وقع السب أو القذف في حق موظف عام أو مكلف بخدمة عامة بمناسبة أو بسبب تأدية عمله عُدّ ذلك ظرفاً مشدداً للجريمة.
- وأخيراً جعل المشرع الاماراتي عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنه وفقاً للمادة (198) مكرر من قانون العقوبات الاتحادي لمن ينشر الشائعات الكاذبة.