الرياضة والاستدامة: تحالف بين صحة الإنسان وعافية كوكبه

12/12/2023 الصحة واللياقة البدنية | بقلم سعيد عبدالغفار حسين، الأمين العام للهيئة العامة للرياضة

 2415     1

ينظر العالم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة باعتبارها واحدة من أهم المراكز العالمية للأعمال والتجارة والخدمات اللوجستية والنقل والتكنولوجيا الخضراء والسياحة متنوعة المشارب. وفي الواقع فدولتنا تتمتع بمصادر وافرة للطاقة النظيفة وببنية تحتية فريدة من المرافق والاتصالات يؤهلانها لبناء الجسور وتعزيز التوافق لتسريع التقدم الشامل في العمل المناخي لبناء مستقبل أكثر استدامة. ودولة الإمارات تعد نموذجاً عالمياً متميزاً بالتزامها بتحقيق الاستدامة والرعاية البيئية، وبحرصها المشهود على تعزيز هذا الالتزام من خلال مجموعة من المبادرات والفعاليات التي يجري تنظيمها على مدار العام، وتسلط الضوء على ضرورة دعم تحقيق الأهداف الاستراتيجية لخطط الاستدامة الوطنية، بما في ذلك المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050. ويأتي إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة "حفظه الله"، بأن يكون عام 2023 عاماً للاستدامة تحت شعار "اليوم للغد"، تجسيداً لاهتمام سموه البالغ بأن مفهوم الاستدامة يعد أولوية وطنية كبرى في سياسة الدولة. وبطبيعة الحال فالرياضة من أبرز العناصر التي تلعب دوراً حيوياً في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية، وتشكل ركيزة أساسية للصحة الشخصية وللصحة العامة؛ فعلاوة على أنها تقدم تجارب ترفيهية للأفراد والفِرَق فهي أيضاً تشجع على أسلوب حياة صحي ومستدام. مفاهيم الاستدامة هذه تتلاقى في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) الذي يعقد الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة الممتدة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023، حيث يجتمع العالم بهدف توحيد الجهود في مجال العمل المناخي وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد حلول للتحديات المناخية وتقييم مدى التقدم الذي أحرزته الحكومات في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى؛ لضمان مستقبل مستدام. تبرز الرياضة هنا كعامل محوري في هذا السياق، فهي تلعب دوراً حيوياً في تحسين الصحة العامة للأفراد وبالتالي تقليل الحاجة إلى الرعاية الطبية والتأثير البيئي المرتبط بها: فتشجيع الأفراد على ممارسة الرياضة يسهم في تقليل الأمراض المزمنة، مثل السمنة وأمراض القلب والشرايين.. ومن خلال تعزيز نمط حياة صحي يمكن أيضاً تقليل الضغط على النظام الصحي وبالتالي تحسين الاستدامة في هذا القطاع. على صعيد آخر، يسهم الاهتمام بالجانبين، الصحة العامة والاستدامة، في تحفيز الابتكار في مجال الرياضة؛ متمثلاً في تطوير مواد رياضية صديقة للبيئة وتكنولوجيا تساعد في تحسين أداء الرياضيين بطرق مستدامة. كما يمكن الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين تدريب الرياضيين وفحص أثر الأنشطة الرياضية في البيئة. ومن خلال استضافتها الفعاليات الرياضية الكبرى، مثل: سباق جائزة الاتحاد للطيران للفورمولا 1، تُظهر دولة الإمارات التزامها بالاستدامة. فقد تم اعتماد مفاهيم الرياضة الصديقة للبيئة في هذه الأحداث، عبر توفير مرافق صديقة للبيئة، واستخدام تكنولوجيا متقدمة للحد من الأثر البيئي، ولم يغفل القائمون على إشاعة مفهوم الاستدامة عن التركيز على تشجيع وسائل النقل الخضراء للمشاركين والجماهير، ما يسهم في خفض انبعاثات الكربون وتحسين جودة الهواء. أما في مجال الرياضات المائية فتبرز استراتيجية دولة الإمارات في تحقيق الاستدامة من خلال إقامة بطولة سباق القوارب التقليدية (التراثية)، وهي مثال للتركيز على الحفاظ على نظافة المياه والبيئة المائية الوطنية. كما يجري تنظيم حملات للتوعية حول أهمية الحفاظ على البحار والمحيطات، وإيضاح كيف يمكن للرياضة أن تكون حلقة وصل بين الأجيال الحالية والقادمة في الحفاظ على الموارد البحرية. على صعيد الأفراد، فإن دولة الإمارات تتبنى مبادرات رياضية تشجع على المشاركة الشاملة للأفراد من الجنسين ومن جميع الأعمار من خلال برامج التمرين في الهواء الطلق والأنشطة الرياضية المجتمعية لتعزز اللياقة البدنية، كما تقدم بيئة محفزة لنمط الحياة الصحي. ويعكس هذا التركيز على الصحة العامة التزاماً بتمكين الأجيال القادمة من تبني أسلوب حياة نشط وصحي. على الصعيد الاستراتيجي تَعتبر دولةُ الإمارات المشاريع الرياضية نموذجاً للتفاني في تحقيق الاستدامة، ويظهر ذلك في الأحداث الرياضية المتنوعة والمتلاحقة، إذ يجري توجيهها بما يعزز الممارسات الصديقة للبيئة ويحفز الجماهير على اتخاذ خطوات، ولو صغيرة، نحو الاستدامة، ويشجع على استخدام وسائل النقل الخضراء للوصول إلى المرافق الرياضية، ما يخفف من الازدحام المروري وانبعاثات الغازات الضارة. والملاعب بدأت فعلياً باتخاذ إجراءات لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وإدارة النفايات، وهو إجراء يسهم في الحد من الأثر البيئي السلبي للفعاليات الرياضية. في الختام، يُظهر الارتباط الوثيق بين الرياضة والاستدامة أن الرياضة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل هي شريك حيوي في جهودنا لتحقيق الاستدامة المناخية والبيئية وقوة دافعة لتعزيز الصحة العامة والحفاظ على بيئة نظيفة. وهكذا؛ فإن دمج الرياضة في أسلوب حياتنا لا يسهم فقط في تحسين صحتنا العامة ولكن يسهم أيضاً في الحفاظ على صحة كوكبنا: فمن خلال التركيز على هذا المفهوم الشامل للرياضة يمكننا بناء مجتمع أكثر استدامة وصحة للأجيال القادمة. وبتنظيم مؤتمر الأطراف COP28 للمرة الأولى على أرض الدولة فإن ذلك يمثل خطوة مهمة على طريق تعزيز مكانة الإمارات على خارطة الدول الرائدة عالمياً في قيادة جهود اقتراح الحلول المستدامة للتحديات المناخية.. وسيصبح لزاماً على الرياضيين والمسؤولين أن يكونوا على مستوى عالٍ من الجهوزية والالتزام لتبني المزيد من المبادرات التي تجمع بين الرياضة والاستدامة لتحقيق الهدف الاستراتيجي الذي نصت عليه "الاستراتيجية الوطنية للرياضة 2031" وهو "زيادة ممارسة الرياضة في المجتمع لتصل نسبة شمولها إلى 71٪ من السكان".

تعليقاتكم

1 Comments

Anonymous علق في 10/01/2024

"Exploring the link between sports and sustainability in your article was enlightening! It's inspiring to see how sports can intertwine with planetary well-being, fostering a healthier world for both humans and the environment. A fantastic read highlighting an essential connection! please keep me updated Name:- Fake tan dubai Email :- info@plushtan.ae Website:- https://plushtan.ae/


(success)
Start chat button