الأرقام لا تجامل

04/02/2021 عام | فريق هيئة تنظيم الاتصالات

 2930     0

راق لي استحسان قراء لما ورد في المقال السابق حول المشاريع الرقمية التي بلا عائد، ففي كل الأحوال، من الطيب أن يحظى مقال بنصيب من النقاش العلمي الهادف. وأنا ألتمس العذر لمن أبدوا استغرابهم بشأن الحقائق والأرقام الواردة في المقال، فمن غير السهل تقبّل فكرة أن 70% من الاستثمارات في التحول الرقمي ربما تكون قد ذهبت هدراً.
لكن الأرقام والحقائق لا تجامل.

العالم مليء بالقصص الواقعية التي تؤكد أن التحول الرقمي ليس ترفاً، ولا يحتمل أن يكون ترفاً. لقد كان على الدوام ضرورة وحتمية، لكنه اليوم، بعد كل التطورات التي شهدها العالم، بات أكثر إلحاحاً. وبينما يزخر العالم بقصص لمشاريع رقمية طموحة حققت الكثير، فهنالك الكثير من القصص الحالمة التي انتهت إلى لا شيء.

بالورقة والقلم، كما يقال، حققت بعض الدول نتائج مذهلة من خلال مشاريع بسيطة لم تكلّف سوى القليل من المال. وتخبرنا صفحة أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة على الإنترنت أن السنغال مثلاً حققت فائضاً قدره 177 مليون دولار من مشروع رقمي واحد وهو تطوير نظام الدفع عبر الهاتف المتحرك ومن ثم تطبيقه على الشريحة الأوسع من السكان في المدن والأرياف والمناطق النائية من خلال حملة جدّية ومنسّقة وشاملة.

وعلى مستوى الشركات، نذكر مثلاً أن شركة جنرال إلكتريك الأميركية أنشأت وحدة للأعمال الرقمية كلفتها الملايين، ثم اكتشفت أنها لم تؤد الغرض المنشود منها. لقد أرادت الشركة أن تسبق الآخرين في اعتماد إنترنت الأشياء، لكي تضمن لنفسها الريادة في عالم البيانات والذكاء الاصطناعي، وكانت توقعات المعنيين لدى جنرال إلكتريك تقضي بأن مشروع (GE Digital) سوف يدرّ مليارات الدولارات، لكن الشركة بعد ذلك بالكاد نجحت في وقف النزيف في أسعار أسهمها، وتكبدت خسائر كبيرة نجمت عن أن الفرضيات التي قام عليها المشروع لم تكن وجيهة بما يكفي، ولم تكن مطابقة لحسابات الواقع.

أمر مشابه حدث مع شركة فورد للسيارات التي أطلقت خدمة رقمية متطورة تحت اسم (Ford Smart Mobility)، وبدلاً من أن تحقق لها القفزة المنشودة، اكتشفت أنها أهدرت أموالاً طائلة على مشروع متسرع لم يأخذ في الحسبان مقتضيات التكامل مع أنظمة الشركة الأخرى، فاضطرت إلى إعادة النظر بشكل جذري في المشروع.

القصص كثيرة وفي كل قصة درس، بل دروس. والشاطر من يتعلم من تجارب الآخرين.

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button