بيرسونا المستقبل4.0

06/05/2020 التعليم | الدكتور عبداللطيف الشامسي - مدير مجمع كليات التقنية العليا

 2566     0

بيرسونا المستقبل4.0

 

تعلمنا من التحديات ألا نراهن على الزمن بل على الإنسان، وفي عصر  الثورة الصناعية الرابعة عندما نتحدث عن تحدياتها التكنولوجية والتنافسية والريادة وصناعة المستقبل ،فإننا نتحدث عن إعداد الإنسان لمواجهة ذلك بنجاح، تعملنا أيضاً ألا ننتظر  الغد فما نراه مستقبلاً بعيداً قد يصبح حاضراً بين لحظة وأخرى، وكما شهدنا في الظروف الاستثنائية التي نعيشها والعالم أجمع اليوم، أن النجاح والانجاز اعتمد على الانسان ومدى جاهزيته للتغيير.

الجميع يُجمع أن إعداد الموارد البشرية يرتبط دائما وبشكل مباشر  بمؤسسات التعليم، وضرورة أن تمتلك هذه المؤسسات رؤى قادرة على تهيئة الطلبة لوظائف ومستقبل مليء بالتحديات، فالثورة الصناعية الرابعة والتطورات التكنولوجية الهائلة خاصة على مستوى الذكاء الاصطناعي، أحدثت ما يسمى "إرباكاً تكنولوجياً" بدخول التكنولوجيا الى عالم الصناعة بقوة، فانهارت أسواق وظهرت أخرى، وانعكس ذلك على الوظائف، وهذا أحدث بالمقابل إرباكاً في التعليم ولكن -بالمعنى الإيجابي للكلمة-حيث فرض  هذا الارباك على مؤسسات التعليم إعادة النظر  في كيفية إعداد الموارد البشرية بعد أن أصبحت المهارة والموهبة تنافس الشهادة الأكاديمية.

 

إن مراقبة المتغيرات والتطورات والتحديات، أوصلنا لصياغة  فكر جديد في إعداد الكوادر البشرية للمستقبل، وهو ما أطلقت عليه  بيرسونا  المستقبل 4.0   "  Future Persona 4.0" ،وهذا  مصطلح جديد أقصد به "سمات إنسان المستقبل"، بمعنى مجموعة السمات الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الطالب من جيل الثورة الصناعية الرابعة ، وتشمل بيرسونا المستقبل: "بيرسونا رقمية" و "بيرسونا احترافية" و "بيرسونا ريادة الأعمال"، وتُبنى هذه السمات الرقمية والاحترافية وريادة الأعمال جميعها بشكل تدريجي وتكاملي، وكلما بدأ هذا البناء والإعداد  في مراحل تعليمية مبكرة، ساهم ذلك في تعزيز  بناء الشخصية المستقبلية التي نطمح لها، و القادرة  على الابتكار  وتوظيف مهاراتها بنجاح في الحياة المهنية وصناعة فرصها لا انتظارها.

 

وبتوضح سريع، فإن "البيرسونا الرقمية" هي سمة تعكس أهمية تمكين طلبتنا من المهارات التكنولوجية بمعنى الإعداد الرقمي لهذا الجيل الشغوف بالتقنيات والمرحب بها في حياته، و"البيرسونا الاحترافية" سمة ثانية تعني تمكين الطلبة من المهارات وباحترافية عالية  ترتبطهم بالمستجدات العالمية، أما "بيرسونا ريادة الأعمال" فهي السمة الثالثة لاستكمال "بيرسونا المستقبل 4.0 "، وهي تأتي نتاج للسابق، فعند تمكين الطلبة من تطبيق  المهارات الرقمية والاحترافية فإننا نبني لديهم تلك الشخصية القادرة على البحث والتحليل وايجاد  الحلول المبتكرة للمشكلات والتحديات لتصاغ وتتبلور تلك الأفكار المبتكرة والقابلة للتطوير  في صورة  منتجات ومشاريع ذات جدوى اقتصادية.  

 

"بيرسونا المستقبل" رؤية واسعة وفكر قابل للتطوير وفق المتغيرات والتحديات، وهي نموذج تعليمي يؤمن باختلاف جيل اليوم وبقدراته وبضرورة استثمار ذلك بشكل صحيح يفضي الى مخرجات احترافية مهنية قادرة على التعلم المستمر، وتطوير ذاتها، للتوافق مع احتياجات قطاعات العمل والتنمية الاقتصادية.

 

إن ما يميز  عملية بناء  الإنسان أنها عملية ديناميكية لا تتوقف،ولا تقاس بزمن، بل هي فكر  وجهد مستمر  بلا حدود.... ولنا مزيد من الحديث حول "بيرسونا المستقبل 4.0".

 

الدكتور عبداللطيف الشامسي

مدير مجمع كليات التقنية العليا

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button