بين الحين والآخر، تتولد تطبيقات جديدة بواسطة إمكانيات الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت الحالي، بات العالم على أعتاب ثورة جديدة في مجال محركات البحث، كل ذلك بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي. والتطبيق الحالي الذي انتشر حول العالم بشكل كبير هو بلا شك (شات جي بي تي) ChatGPT والتي تعتبر تقنية حديثة قادرة على محادثة البشر بطريقة سلسلة وإنتاج أي نوع من النصوص أو المخرجات المكتوبة بجودة عالية جداً، كم لو أنها تمت كتابتها بواسطة البشر. نتيجة لذلك، هذه الأداة لديها القدرة على إحداث تغيير جذري في نماذج الأعمال، وشرعت الشركات في استخدام هذه التقنية بشكل واسع في أعمالهم للاستفادة من التحليلات والبيانات التي تقدمها هذه التقنية الجديدة.

ما مفهوم الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)؟

يشير مصطلح الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AIإلى تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتعلم تمثيل العناصر من البيانات، وتستخدمها لإنشاء عناصر جديدة وفريدة من نوعها تشبه البيانات الأصلية، ولكنها لا تكررها. ويمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي إنتاج محتوى جديد تمامًا (بما في ذلك النصوص والصور والفيديوهات والصوت والهياكل) ورموز الكمبيوتر والبيانات التركيبية.

ويؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى تقليل المدة المستغرقة لتطوير التطبيقات، فضلاً عن توفير إمكانات قوية للمستخدمين غير المتخصصين في المجال التقني.

مفهوم التشات جي بي تي

تعتبر التشات جي بي تي من أهم تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في وقتنا الحالي. تشات جي بي تي عبارة عن روبوت أو برنامج ذكاء اصطناعي، وهي تقنية معالجة لغة طبيعية (NLP)، وهي مصممة لتوليد محادثات شبيهة بالبشر وفق مدخلات المستخدم. تعمل هذه التقنية على استخدام التعلم العميق وخوارزميات التعلم الآلي لتحديد الأنماط في النص وتحليل السياق وتوليد استجابات طبيعية، إذ تتحاور التقنية مع المستخدم وتجيب على ما يطرح عليه من أسئلة بشكل مفصل. طورتها شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي "أوبن أيه آي" (OpenAI) بمدينة سان فرانسيسكو

تقنية التشات جي بي تي في صندوق الزكاة

إن لتقنيات الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة أثر فعًال على صندوق الزكاة حيث يمكن الاستفادة منها في:

            زيادة إمكانية الوصول: يمكن لروبوتات الدردشة مثل ChatGPT تعزيز إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بصندوق الزكاة. يمكن تقديم إجابات فورية ودقيقة للأسئلة المتداولة والرد على الفتوى، ومساعدة الأفراد على فهم عملية حساب الزكاة ومعايير مستحقي الزكاة، كما يمكن أن تكون متاحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مما يسمح للأفراد بالحصول على إجابات لأسئلتهم والتعرف على عمل الصندوق في أي وقت. يمكن أن تصل إمكانية الوصول المتزايدة هذه إلى المزيد من الناس، مما يؤدي إلى زيادة الوعي والمشاركة.

            دعم العملاء بفاعلية: يمكن أن تساعد ChatGPT في التعامل مع استفسارات العملاء ودعمهم، مما يقلل عبء العمل على الممثلين البشريين. من خلال أتمتة المهام الروتينية وتقديم ردود سريعة، يمكن لروبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي تعزيز خدمة العملاء وتحسين الكفاءة العامة في إدارة الاستفسارات المتعلقة بالصندوق.

            المساعدة المخصصة: مع التقدم في معالجة اللغة، يمكن أن تقدم روبوتات الدردشة المدعمة بالذكاء الاصطناعي دعمًا أكثر تخصيصًا للعملاء. من خلال تحليل تفاعلات المستخدم وبياناته، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تصميم الاستجابات والتوصيات بناءً على الاحتياجات الفردية. يمكن أن يساعد هذا الأفراد في العثور على معلومات محددة حول أهلية الزكاة أو البرامج الخيرية أو خيارات التبرع التي تتوافق مع اهتماماتهم وتفضيلاتهم.

            تثقيف المانحين وتعليمهم: يمكن أن تكون ChatGPT بمثابة أداة تعليمية توفر معلومات حول مبادئ الزكاة وتأثير الزكاة على المجتمع من خلال إشراك المستخدمين في محادثات تفاعلية، يمكن لروبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي زيادة الوعي وتثقيف المزكين حول ممارسات العطاء الفعالة وتشجيع الدعم المستمر للقضايا الخيرية.

            تحليل البيانات والرؤى: يمكن أن تساعد تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل كميات كبيرة من البيانات المتعلقة بصندوق الزكاة، من خلال معالجة البيانات وتفسيرها، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي توفير رؤى قيمة حول تفضيلات المانحين واتجاهاتهم ومجالات التأثير. يمكن أن تساعد هذه المعلومات الصندوق على تحسين استراتيجيات جمع الأموال الخاصة بها، وتحديد مجالات التحسين، واتخاذ قرارات تعتمد على البيانات.

            كفاءة محسّنة: يمكن لروبوتات الدردشة أتمتة المهام الإدارية المتعلقة بإدارة أموال الزكاة. على سبيل المثال، يمكنهم المساعدة في حساب مبالغ الزكاة بناءً على المعلومات المالية الفردية، وجمع الزكاة عبر الإنترنت، وإصدار الإيصالات، وتقديم تحديثات منتظمة حول تأثير الأموال.

ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة يمكن أن تقدم دعمًا قيمًا، إلا أنها لا تستطيع أن تحل محل العنصر البشري في صندوق الزكاة. تعتبر الرقابة البشرية والاعتبارات الأخلاقية والحفاظ على الشفافية من الأمور الحاسمة في ضمان الاستخدام الفعال والمسؤول للأموال لصالح المحتاجين.

الدكتور/ محمد سليمان البلوشي

أمين عام صندوق الزكاة بالإنابة