مسؤولية الدولة في تنظيم جمع الزكاة

29/03/2023 الشؤون الاجتماعية | سعادة الدكتور محمد سليمان البلوشي

 3586     1

مسؤولية الدولة في تنظيم جمع الزكاة


بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

 

 

لقد فرض الله تعالى على أغنياء المسلمين في أموالهم حقًا هو الزكاة، يُصرف على فقرائهم. وقد أوكل سبحانه وتعالى مسؤولية أخذها وجمعها لولي الأمر، قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها..[الآية 103 من سورة التوبة].
واستنادًا إلى هذه الآية قرر الفقهاء أن القيام بحق الزكاة أمانة على عاتق ولي الأمر (الدولة)، قال الإمام الشافعي رحمه الله: "ولا يسع الولاة تركَه لأهل الأموال؛ لأنهم أمناء على أخذه لأهله منهم" [الأم 3/204].


فلا يسع الدولة ترك القيام بهذه المسؤولية؛ كما أنه لا يسع أغنياء المسلمين حبس ذلك الحق عن الدولة لتقوم هي بصرفها على مستحقيها من الفقراء وغيرهم.


وقد يتساءل البعض بأن هذا خطاب خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا يشمل من جاء بعده من ولاة الأمر! وقد رد على هذه الشبهة الإمام الفقيه المفسّر أبو بكر ابن العربي رحمه الله في تفسيره عند قوله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة..) حيث قال: "أما قولهم إن هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يلتحق به غيره؛ فهو كلام جاهل بالقرآن غافل عن مأخذ الشريعة متلاعب بالدين "[جامع الأحكام لابن العربي، في تفسير الآية].


فتبين معنا أن جباية الزكاة هي من مسؤولية ولي الأمر - الدولة -، لا يجوز التعدي على هذه المسؤولية بدون أخذ التصريح الرسمي بها.

 

وإن من فوائد وحِكَم هذا التشريع العظيم هو ضبط تلك الأموال والتأكد من صرفها في وجوهها المقررة شرعًا، وقطع دابر من تسول له نفسه بنهب هذه الأموال والتصرف فيها في أمور غير قانونية.

 

وعلى هذه المسألة بنى أكثر الفقهاء أنه يجب دفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الدولة؛ معللين ذلك بأمور أهمها:

1-    الدولة مؤتمنة على أموال الزكاة، وأعلم بمصارفها من أصحاب الأموال فإنهم لا يعلمون أحكام الزكاة ومصارفها غالبًا، والواقع يشهد بذلك، فقد تأسست الهيئات المعنية ووُضعت لها قوانين ونظم ولوائح تضبط شؤونها، وشُكّلت فيها مجالس ولجان تشرف عليها؛ وكل ذلك لضمان القيام بحق الزكاة على أكمل وجه ممكن.

2-     دفع الزكاة إلى ولي الأمر يبرئ ذمة صاحب المال ويَسقط عنه الفرض ويثبت له الأجر بمجرد الدفع للدولة والمؤسسات المرخصة، وأما توزيع صاحب المال زكاته مباشرة إلى من يظنه فقيرا أو إلى وسيط غير مرخص من الدولة فإنه لا يمكن الجزم بثبوت الأجر؛ لاحتمال أن تذهب الزكاة لغير مستحق لها.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

 

الدكتور محمد سليمان البلوشي

الأمين العام بالإنابة

صندوق الزكاة

تعليقاتكم

1 Comments

Anonymous علق في 30/03/2023

ما شاء الله موضوع يبين دور الدولة


(success)
Start chat button