المرأة الإماراتية.. والعمل القضائي

26/08/2022 عام | القاضي خديجة خميس خليفة الملص / رئيس محكمة استئناف

 4073     0

تعد المرأة من الركائز الأساسية لبناء الأسرة وتحقيق التنمية الفاعلة في المجتمعات، حيث استطاعت المرأة أن تسطر يوما بعد يوم ملامح ذلك الأفق الجميل للنجاح والتميز والابداع، وما هذا إلا من خلال تلك التضحيات التي تقوم بها بدءاً من محيطها المتمثل بأسرتها ومروراً بالمجتمع وصولاً إلى تحقيق ما تصبوا إليه من نجاح وتقدم.

 

تلتزم دولة الامارات العربية المتحدة التزاما كاملا بتعزيز حقوق المرأة انطلاقا من ايمانها بأن تمكينها أمر أساسي لتطوير المجتمع وتحقيق التنمية المستدامة ولأنها نصيرة الرجل والداعمة له في النهضة والتطور، وقد أولت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها عام 1971 أهمية كبيرة لتمكين المواطنين ذكورا وإناثا على حد سواء ويضمن دستور الدولة المساواة في الحقوق وتكافؤ الفرص للجميع أمام القانون.

 

وقد احتفلت دولة الإمارات العربية المتحدة في 28 أغسطس من العام 2015 بالذكرى الأربعين لإطلاق الاتحاد النسائي العام وتم تخصيص هذا اليوم كيوم وطني للاحتفاء بالمرأة الإماراتية وإنجازاتها التي فاقت نساء العالم، كما أنشأت حكومة الإمارات في مايو من العام 2015 مجلس التوازن بين الجنسين لضمان استمرارية شغل المرأة الإماراتية الأدوار الإشرافية والرائدة في كافة المجالات والتي تسهم في تحقيق رؤية الإمارات 2071 ..

 

ويعد إشراك العنصر النسائي في العمل القضائي تجربة فريدة من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة وتأتي في إطار عمليات التطوير الشاملة التي تشهدها الدولة، كما يؤكد على مواصلة رؤية الآباء المؤسسين في تمكين المرأة الإماراتية من خلال إعداد السياسات والقرارات الداعمة لها بهدف اشراكها في عمليات التنمية الشاملة وتشجيعها للعمل في جميع المجالات على قدم المساواة مع الرجل.

بدأ تعيين أول قاضية على المستوى المحلي في إمارة أبوظبي عام 2008، وبلغ عدد القاضيات في محاكم أبوظبي 13 قاضية، و9 وكيلات نيابة في نيابات أبوظبي، وفي محاكم دبي 8 قاضيات و18 وكيلات نيابة في نيابات دبي.

    وبعد تعديل قانون السلطة القضائية الاتحادي بالمرسوم الاتحادي رقم 13 لسنة 2018 مؤخرا أتاح للمرأة تولي القضاء على المستوى الاتحادي، وقد بلغ عدد القاضيات في المحاكم الاتحادية 4 قاضيات و33 مستشارة قانونية في قطاع الفتوى والتشريع.  ولقد كان لي عظيم الشرف أن أكون من أوائل السيدات التي تعتلي منصة القضاء الاتحادي.

 

لا شك أن وجود المرأة في النظام القضائي يشكل عاملا ذا أهمية للتغيير نحو تطوير القضاء أكثر مراعاة لاعتبارات الجنسين، ولإنشاء بيئة أكثر ملائمة للنساء في المحكمة وهذا بدوره يؤثر في البت في القضايا لاسيما تلك التي تخص المرأة.

 

وأن وجود قاضيات في المحاكم يعد من الضروريات لكونهن أكثر وعيا لدور القضاء في حماية النساء من العنف وغير ذلك من القضايا التي تعاني منها النساء وتؤدي إلى انتهاك حقوقهن من خلال تحديد التصورات النمطية والمواقف والسلوكيات التي تثير المشاكل ومن ثم التصدي لها.

 

ومشاركة المرأة الإماراتية في الجهاز القضائي تسهم في إنشاء مؤسسات قضائية قوية ومستقلة، وأن تعيين قاضيات في المحاكم يعزز إمكانية لجوء المرأة إلى القضاء، ويكسب النظام القضائي ثقة فئات المجتمع المختلفة.

 

كما أن هذه المشاركة جعلت من القضاء أكثر مرونة وفاعلية، حيث أن المسائل القضائية تعتمد على الكفاءة ولا ترتبط بجنس القاضي فهي لا تتعلق بخصوصيات وطبيعة القاضي بقدر ما تتعلق بالتشريعات التي يتم سنها، وكذلك نزاهة القاضي في التعامل مع القانون وإقامة العدل والالتزام بالحياد والفصل بين المتقاضين.

 

وفي النهاية أختتم كلماتي في هذه اللحظة المشرفة من مستقبل بلادنا القضائي وأقدم تحية تقدير واعتزاز لكل من منح الفرصة وآمن بقدرات المرأة وبث الثقة في نفسها حتى أصبحت جديرة باعتلاء منصب القضاء، وأقدم تحية مباركة لكل امرأة إماراتية عاملة بذلت الوقت والجهد لترفع من شأن مجتمعنا، ولتبقى راية بلادي شامخة خفاقة.

 

 

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button