وزارة الخارجية تقود التحول في الخدمات الحكومية من خلال التكنولوجيا وبرنامج تصفير البيروقراطية

05/03/2025 عام | سعادة فيصل عيسى لطفي، وكيل وزارة مساعد للشؤون القنصلية في وزارة الخارجية

 334     0

ما الذي يتطلبه إعادة تعريف الخدمات الحكومية في عالم سريع التغير؟ تتصدى وزارة الخارجية لهذا التحدي بجرأة من خلال التكامل الاستراتيجي والحلول المبتكرة، فلم تكتفي وزارة الخارجية بالمشاركة في تطوير الخدمات العامة، بل تقودها بخطى استباقية، ويتماشى هذا النهج الطموح مع الرؤية الوطنية لحكومة أكثر ذكاءً وأكثر ترابطًا، تُعطي الأولوية لسهولة الخدمات والكفاءة والشفافية، مما يُمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا.

لعقود مضت، سارت حكومة دولة الإمارات في رحلة التحول الرقمي، منتقلةً من العمليات الورقية إلى الحلول الإلكترونية، واضعة نصب عينيها خدمة الإنسانية كقوة دافعة وراء التغيير والابتكار، فمنذ إرساء البنية التحتية الرقمية الأساسية في تسعينيات القرن الماضي، حققت الدولة العديد من الإنجازات الكبرى، لتبرز حكومتها كنموذج يعتمد نهجًا رقميًا في المقام الأول؛ حيث يجسد سعيها الدؤوب إلى التميز والمرونة نموذجًا للعمليات الحكومية المرنة القائمة على التفكير الاستباقي.

فمنذ إطلاق الحكومة الإلكترونية في عام 2001، وإعلان استراتيجية الحكومة الذكية في عام 2013، وإطلاق ميثاق حكومة دولة الإمارات لخدمات المستقبل في عام 2020، تحتل الإمارات اليوم مكانة رائدة في مجال الابتكار بالخدمات الحكومية.

وتتمثل إحدى المبادرات البارزة التي أطلقتها وزارة الخارجية في دمجها لخدمة تصديق المستندات الخاصة بها مع الخدمات الرقمية التي يُقدمها الشركاء الحكوميون؛ إذ يُتيح هذا التعاون التصديق الرقمي الاستباقي للمستندات الرسمية مباشرةً عبر القنوات الرقمية لهذه الجهات، مما يُسهم بدوره في رفع تصنيف الدولة في مؤشر الربط بالنافذة الموحدة. 

واستكملت الوزارة مساعيها بنظام تصديق المستندات الإلكتروني (eDAS 2.0) لتصديق الفواتير التجارية وشهادات المنشأ في عام 2023، وقد أتاحت عمليات الربط التقني المتعددة التي أجرتها مع عددٍ من الجهات الاتحادية والمحلية، والبنوك في جميع أنحاء الدولة تبادل البيانات بسلاسة وتسريع إجراءات الخدمات؛ حيث إن نظام تصديق المستندات الإلكتروني (eDAS 2.0) اختصر العديد من الخطوات في عام 2024 ليشمل تغييرات كبرى تمثلت في إنجاز الخدمة خلال دقيقتين فقط بدلًا من 12 دقيقة.

فيما مكّن التعاون بين الوزارة ومؤسسة الإمارات للتعليم المدرسي (ESE) في يوليو 2024 المتعاملين من إنجاز ثلاث معاملات حكومية عبر إجراء واحد ومن خلال منصة إلكترونية موحدة، تضمن الحصول على تصديق وزارة الخارجية وسفارة دولة الإمارات لشهادات المدارس الحكومية؛ حيث أسهمت هذه العملية التكاملية في تقليص زمن إنجاز الخدمة إلى 3 دقائق فقط بدلًا من 6 أيام (3 أيام داخل الدولة و3 أيام خارجها)، كما ألغت تكاليف خدمة البريد السريع. 

ويأتي مشروع البعثة الذكية الذي أطلقه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، في مارس عام 2023، والذي أعاد تعريف مفهوم الخدمات القنصلية عبر توفير خدمات تتسم بالسرعة والكفاءة والتكامل، كدليلٍ آخر على التزام وزارة الخارجية بالتحول الرقمي، ومن خلال التعاون الوثيق مع العديد من الجهات الحكومية الرئيسية بما فيها وزارة الداخلية، فعلّت وزارة الخارجية تقنية التعرف على الوجوه في البعثة، ما يُتيح للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات الوصول إلى الخدمات بسرعة ويُسر، حيث عولجت أكثر من 1,500 وثيقة، بما فيها المعاملات الشخصية والتجارية منذ إطلاق هذا المشروع وبمعدل دقة وصل إلى 97%، وإضافةً إلى ذلك، يتميز هذا المشروع بتقنيات قادرة على التمييز بذكاء بين أنواع الوثائق المتعددة، لضمان المعالجة الدقيقة من دون الحاجة إلى التدخل البشري واختصار زمن إنجاز الخدمة بشكل ملحوظ، من يومين إلى ثلاث دقائق فقط. 

وإلى جانب خدمات التصديق، يعمل مشروع البعثة الذكية على تبسيط العمليات لدى جهات متعددة، ليختصر بذلك الإجراءات التي يتولى الموظفون تنفيذها من عشرة خطوات إلى خطوة واحدة، والتخلص من الإجراءات البيروقراطية غير الضرورية؛ كما تعدّ أولى البعثات الدبلوماسية التي تطبق نظام التصديق الآلي الكامل للمستندات دون تدخل بشري، وقد حصد هذا المشروع الذي حظي بتقدير واسع بفضل تأثيره الاستثنائي، على جائزتين مرموقتين هما جائزة الإمارات للذكاء الاصطناعي لعام 2024 وجائزة تصفير البيروقراطية الحكومية لعام 2025، وتعد البعثة الذكية إحدى أوجه التحديث التكنولوجي، وتحولًا استباقياً في تقديم خدمات أسرع وأذكى وأيسر وصولًا. 

وفي ذات السياق، تمثّل مبادرة البعثة الذكية نقطة البداية نحو سلسلة من عمليات الدمج الرقمي والتقني التي أطلقت في عام 2024 ويواصل العمل عليها خلال عام 2025، وتهدف إلى تقديم خدمات قنصلية استثنائية محورها الإنسان، وبما يتماشى مع أهداف "برنامج تصفير البيروقراطية الحكومية" الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله".

واستشرافًا للمستقبل، تهدف استراتيجية وزارة الخارجية في الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2026 إلى ترسيخ التأثير الدبلوماسي والقنصلي لدولة الإمارات العربية المتحدة وتحسين التواصل الحكومي عبر القنوات الرقمية، كما تجسد الاستراتيجية الهدف المتمثل في الارتقاء بمكانة دولة الإمارات وريادتها على مستوى العالم في مجال الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، كذلك تعزيز التعاون الدولي وتطوير الخدمات القنصلية.

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button