15/09/2022 الشركات والأعمال | الدكتور محمد سليمان البلوشي
828 0
تُستخدم مصطلحات مختلفة للإشارة إلى الشركة
العائلية مثل "مملوك لعائلة" و "مسيطر عليه عائليًا" و
"مُدار عائليًا"، وباختصار يمكن ببساطة تعريف الشركة العائلية على أنها:
"شركة تجارية تضم عضوين أو أكثر من أفراد عائلة تتمتع بالسيطرة المالية على
الشركة". وبعبارة أخرى، الشركة العائلية هي: "شركة مملوكة و/أو مُدارة
من قبل أكثر من فرد من نفس العائلة".
ويمكننا تصنيف شركة ما على أنِّها شركة عائلية؛
إذا حقّقت الشروط التالية:
أن تكون النسبة
الفعالة للمساهمة في رأس المال من قبل أفراد العائلة.
أن تكون النسبة
الأكبر من حقوق التصويت في مجلس الإدارة مملوكة من قبل أفراد العائلة.
أن يكون التوجه
الاستراتيجي للشركة ككل مملوك من قبل أفراد العائلة.
أن يوجد من أفراد
العائلة جيل واحد على الأقل مشارك في إدارة الشركة.
إن مستقبل الشركات العائلية يندرج في 4 استراتيجيات رئيسية يوضحها الشكل الآتي:
1.
التجديد: احتضان إرث الأسرة
تميل العائلات التي تنجح مع استراتيجية التجديد إلى أن تكون متماسكة عبر الأجيال وتميل إلى اتباع تقاليد الأسرة، تشجع الثقة بين الأجيال على التعاون، ويسير أفراد الأسرة الأصغر سنًا مع طريقة العائلة في القيام بالأشياء.
2.
إعادة الولادة: قلب صفحة جديدة
تتميز بعض العائلات المتماسكة بوجود أفراد من العائلة الحاليين والأصغر
سنًا يتعاونون بصراحة في قرارات العمل الرئيسية، ويظهرون مستويات عالية من
المرونة. حيث يكون أفراد العائلة الحاليون أكثر انفتاحًا على أفكار أبنائهم داخل
الشركة وخارجها، مؤكدين أنهم لا يريدون تحميل أطفالهم عبء إدارة الشركة العائلية.
3.
الخروج
غالبًا ما تُرى هذه
الاستراتيجية في العائلات ذات التماسك المنخفض بين الأجيال والتي تفتقر إلى القادة
المرنين. غالبًا ما يتحمل القادة الحاليون التضحية بالنفس من أجل العائلة والشركة،
وعادةً ما يعطون الأولوية للأعمال على حساب الأسرة. كما أن الجيل الجديد سيكون منفصل عن العمل
وقد لا يرتبط به أو بأفراد العائلة الآخرين. ولديهم العديد من الفرص للمغادرة
وأسباب قليلة للعودة - في الواقع، يسعى الكثيرون للدراسة أو العمل بعيدًا عن
المنزل.
4.
الاستحقاق
غالبًا العائلات ذات الوحدة المنخفضة والقادة المرنين يرون أن أطفالهم
يتبعون أحلامهم. إن زيادة المرونة الأبوية تقلل الضغط على الجيل
الجديد ليرث شركة العائلة.
يؤدي هذا الدعم
إلى قيام جيل الشباب بمتابعة أنشطة ريادية جديدة مرتبطة بالعمل أو حتى منفصلة عن
العمل الأصلي. ولأن القادة مرنين فالجيل الأكبر سنًا على ما يرام تمامًا مع هذا
السلوك ويتبنى نهج "عدم التدخل".
ومع ذلك، قد يبني جيل الشباب إرثًا مختلفًا، ولكنه قوي بنفس القدر.
تسمح المسافة بين الأجيال للجيل الجديد بمتابعة المشاريع
بشروطهم الخاصة، ولكن في كثير من الأحيان بدعم من الوالدين، مما يحول إرث الأسرة
إلى شيء جديد.
مما تقدم اتضح لنا أن الشركات العائلية هي الشركات التي يكون أصحاب القرار فيها
هم من العائلة المالكة للشركة التي يجمعهم رابط القرابة، وحيث إنه تشكل الشركات
العائلية ثلثي ثروة العالم وهي أساس الاقتصاد الوطني لكثير من الدول، كما أن 85%
من مشاريع بدء الأعمال هي في نواتها شركات عائلية، الأمر الذي ينعكس على تعزيز
التلاحم المجتمعي والمسؤولية المجتمعية؛ وبالتالي يكون على عاتق الصندوق أن يكون
على صلة مستمرة بهذه الشركات، ويخصص ما يستطيع من خدماته وتسهيلاته لها، مما سيعمل
على زيادة الموارد الزكوية للصندوق والمحافظة عليها.
ومن أبرز الفرص أمام صندوق الزكاة أنه لا يسعى الجيل الأول من الشركاء
المؤسسين في الأعم الأغلب إلى السرعة في توزيع الأرباح مما سينعكس على مقدار
الزكاة الواجب دفعها للصندوق بناء على المبادئ الشرعية حيث أن المالك يسعى عادة
إلى المحافظة على الثروة ( الشركة ) وضخ الأرباح في مزيد من استثماراتها أو
المصاريف التشغيلية وتوسعة نشاطاتها، مما يؤثر بشكل إيجابي على صندوق الزكاة من
خلال المحافظة على الدخل الثابت للشركة وضمان زيادة قيمة الزكاة المدفوعة من قبل
هذا النوع من الشركات، وبالتالي ستساهم الزيادة في موارد الزكاة الخاصة بالصندوق
في رفع وكفاءة جودة حياة وسعادة متعاملي الصندوق من خلال التوسع في إنشاء المشاريع
المخصصة للمتعاملين.
من جانب آخر، من أهم التحديات التي تعترض مسيرة حياة الشركة العائلية هو
تحول نشاطها إلى طابع النزاع العائلي بالذات في ضوء انتهاء وجود الشريك المؤسس
وغياب خطط الإحلال والتعاقب الوظيفي، مما يشكل تهديدًا على استمرارية نهج المؤسسين
وعلاقتهم مع الصندوق. وإن هذا التهديد يتبدد في حالة وجود القوة في مجلس الإدارة؛
حيث إن مجلس إدارة الشركة يمثل المساهمين، وهو المسؤول عن وضع السياسات والخطط
طويلة المدى التي تتبنى أسس ومبادئ الحوكمة بما فيها خطط التعاقب والتي من شأنها
زيادة العائد على الشركة، مع المحافظة على نهج المؤسسين في دفع الزكاة والصدقات.
ومن زاوية أخرى قد تبدأ مشاكل
الشركات العائلية بدخول الشركاء الطارئين ( بالإرث ) على الشركة والذين ينظرون إلى
تلك المنشأة على أنها سبيل لتحقيق عوائد وأرباح بشكل سريع دون أن يكون همهم الأول
والأخير بقاء الشركة ونجاحها وتنميتها المستدامة لذا فإن جميع القرارات التي
سيتخذونها ستنصب على تحقيق الربح السريع، مما قد يؤثر بشكل سلبي على صندوق الزكاة
نتيجة لتفتت الشركة وعدم التزام الشركاء بدفع الزكاة إضافة الى احتمالية توجيه
الزكاة لجهات أخرى غير صندوق الزكاة نظراً للتغيرات التي قد تطرأ على القيم في
المجتمع الاماراتي قي الأجيال الجديدة (الورثة) وكذلك الاختلاف في خلفياتهم
الثقافية.
كما أنه أي شريك مؤسس في الشركة العائلية سيعتقد جازما أنه هو الأفضل لإدارة أمواله الخاصة بما فيها الشركة وبالتالي سيصعب الفصل بين الملكية والإدارة، مما سيتسبب بضعف الإدارة وانهيار الشركة وانقطاع مساهماتها في المجتمع، الأمر الذي سيؤدي الى ارتفاع نسب البطالة في المجتمع مما سينعكس على زيادة العبء على كاهل الصندوق وخصوصاً في المشاريع المعنية بمساعدة مستحقي الزكاة من العاطلين عن العمل.
بقلم : الدكتور / محمد سليمان البلوشي
للمساعدة، برجاء التواصل مع:
مواضيع شائعة للبحث