الكثير منّا عينه بصيرة ويده قصيرة، يقف حايرا كيف يحسّن من دخله الشهري أو على الأقل دخله اليومي ليحقق الاستقرار وأن يعيش يومه هو وعائلته وقد أخذ قوت يومه كأبسط الحالات وهي أن يكون على قيد الحياة.

لكنني أرى بأن العين البصيرة تلك ترى ولا تبصر بأن هناك ملايين الابتكارات التي قد ترفع من مستوى معيشته دون الحاجة إلى مبلغ كبير من المال أو ما يسمى ميزانية المشروع، فقد بدأت هند أبنة صديقتي بمشروع لم تلقي له بالاً وكانت مزحه من أختها الصغيرة، حيث دخلت هند يوما وفي يدها كيكة كعادتها الجميلة عندما تزور بيت أمها وقامت أختها مازحة بتصوير الكيكة وكتبت عليها عبارات تشجيعيه لمتابيعها بأنها لذيذة للغاية، وبعدها استقبلت أخت هند العديد من الرسائل التي تطلب رقم صانعة الكيك حيث تفاجأت هند بهذه الطلبات وشعرت بأن الله قد منحها اليوم فرصة لابراز مهارتها في صنع الكيك والحلوى كانت وما زالت تصنعها بحب ليس من أجل الدخل فقط وانما لتشعر أيضا بأنها وصلت الى الناس بصنعها هذا، وليس هذا وحسب أصبحت هند تتعاقد مع بعض المحلات لتبيع منتوجاتها الذيذة.

أما سمر فقد بدأت مشروعها بخوف من أن لا تنجح كانت تنتظر الطلبات حتى تأتي ولكن بمجرد تغيير الأسلوب أصبحت تصنع الطعام ثم ترسل لجميع الزبائن عبارة "متوفر اليوم كيكة التمر"، لتبيع الكيك الطازج وكل ما تصنعه في نفس اليوم عليهم، حتى خلود التي بدأت بمشروعها بصنع حلوى الكوكيز خاص بالمرضعات ويزيد من إدرار الحليب مشجعة الأم المرضعة بأن تأكل شيء مفيد ولكن بطريقة جميلة ومبتكرة. وعائشة التي ابتكرت طريقة لعرض حلوى المارشميلو السائحة بالشكولاتة على جهاز تسخين من ابتكارها  ومشاركتها مع الزبائن في الحفلات.

حولت هند وسمر وخلود وعائشة السكر والطحين والخميرة وجهاز التسخين وإلى آخره من المقادير وقوالب واجهزة الطبخ والأكياس وصحون التقديم وغيرها من الادوات التي هي ايضا اجزاء من الاختراعات المتصلة مع بعضها البعض لتصنع المنتج بطريقة مبتكرة، وتحول مجموعة من الابتكارات موجودة في منازلهم إلى جماد مثمر، وهذه الابتكارات مكونة من مجموعة من الأجزاء الصغيرة من الاختراعات التي لابد أن تراها بعين التقدير، فإن لم يُخترع الترس لما دارت عقارب الساعة.

كن مستثمرا للجماد الذي حولك أبحث عن أبسط المواد ولا تعقدها، اصنع من السكر حلوى ومن الملح حوض استرخاء، هناك الكثير من المواد حولك فقط تحتاج إلى فكرة للعرض وهدف ترنو إليه وقليل من المال قد لا يتعدى 50 درهما إماراتي.

نصيحتي لك، اصبر لا تستعجل بالثراء أو تغيير مستواك المعيشي، طوّر من منتجك ليرضي الزبون ،قدم المنتج بشكل مختلف، هند صنعت كيك ولكن بطريقتها المختلفة وسمر غيرت من أسلوب العرض والطلب وخلود اختارت فئة الزبون وصنعت شيء مختلفا عن العادة  وعائشة ابتكرت جهاز تسخين ملفت للأنظار وبشكل مختلف عن المعتاد.

آخر مدونتي هذه تذكر <<الرجال هي التي تصنع المصانع، والرجال هي التي تصنع سعادتها، والرجال هي اللي تصنع حاضرها ومستقبلها>> زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس دولة الامارات العربية المتحدة: رحم الله الوالد الملهم رحمة واسعه وأسكنه فسيح جناته.

بقلم هدى الشحي

مدير مكتب الاستراتيجية والمستقبل - صندوق الزكاة