التعاون ينشأ من الأزمة العالمية

06/12/2020 عام | معالي أحمد الصايغ

 2629     0

لماذا لا تزال المؤسسات العالمية مثل مجموعة العشرين أفضل أمل لنا في حل أكبر التحديات في العالم

معالي أحمد علي الصايغ، وزير الدولة والشيربا الإماراتي لمجموعة العشرين 

 

مع كل أزمة عالمية تبرز الحاجة إلى أن تجدد الدول التزامها بتعددية الأطراف، فقلة هي الدول التي يمكن أن تزدهر عندما تهدد التحديات رفاه الجميع. هذا الالتزام هو ما جسدته مجموعة العشرين في هذا العام، في ضوء جائحة (كوفيد-19)، التي ضربت العالم.

وتبرز مجموعة العشرين اليوم، باعتبارها واحدة من أهم القمم الاقتصادية التي تعقد في العالم، كرمز للمرونة والتعاون العالميين. فبعد أن احتلت مكانة بارزة خلال فترة الركود الاقتصادي التي شهدها العالم في عامي 2007 و2008، فقد أثبتت أنها المنصة الأكثر فعالية لمعالجة التبعات الاقتصادية الكبيرة التي أحدثها الوباء ومحاولة إطلاق انتعاش استثنائي من جديد. فكانت بالفعل مبعث أمل وطمأنينة لا سيما في هذا الوقت الذي تشوبه شكوك كثيرة.

وقد التزم أعضاء مجموعة العشرين خلال مؤتمر قمة القادة الاستثنائي حول جائحة (كوفيد-19) الذي عقد في 26 مارس، باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمكافحة الوباء مع حماية فرص العمل، والحفاظ على الاستقرار المالي، وتقليص الاضطرابات التجارية إلى أدنى حد، وتعزيز التعاون الصحي العالمي.

وفي حين أن بعض الدول سارعت في اتخاذ تدابير احترازية لحماية مواطنيها، إلا أن مجموعة العشرين اجتمعت لترسل تذكيرا للمجتمع الدولي بأن الاستجابة المنسقة المبنية على تبادل المعلومات والتوجيه الاقتصادي والمالي المشترك من شأنها أن تفيد الجميع في نهاية المطاف.

وقد دُعيت دولة الإمارات إلى فعاليات هذا العام بصفتها رئيسة مجلس التعاون الخليجي، فحضرت إلى القمة يحدوها التزام راسخ بدعم وتعزيز المشاركة متعددة الأطراف.

وقد كان أحد العناصر الرئيسية في نهج دولة الإمارات هو إيصال صوت الدول الأخرى، ولا سيما تلك الصغيرة غير الممثلة بشكل كاف. فكانت هذه الاستراتيجية امتداداً طبيعياً للسياسة الخارجية لدولة الإمارات التي تسعى دائماً لدعم شركائنا في جميع أنحاء العالم، وضمان سماع وجهات النظر المختلفة عندما يتعلق الأمر بالتحديات العالمية التي تؤثر علينا جميعاً.

وحتى خلال أسوأ أصعب أوقات الوباء، عملت دولة الإمارات على إيصال المساعدات إلى مختلف الدول بغض النظر عن الاختلافات السياسية أو القرب الجغرافي، من إيران إلى الصين إلى إيطاليا إلى كولومبيا إلى كينيا وغيرها من الدول. فقامت بإرسال أكثر من 1613 طنا من المساعدات الطبية والغذائية إلى 120 دولة منذ بدء انتشار الوباء، حيث استفاد منها نحو 1.6 مليون من العاملين في القطاع الطبي في جميع أنحاء العالم.

 

ومع قرب إطلاق لقاح (كوفيد-19) بنجاح، تستعد دولة الإمارات للاضطلاع بدور رئيسي في ضمان التوزيع العادل والمنصف للقاح بمجرد توافره. وقد كان مبدأ (عدم إغفال أحد) العمود الفقري لجهود مجموعة العشرين الرامية إلى تطوير استجابة متماسكة لوباء (كوفيد-19). وقد تبين الآن أكثر من أي وقت مضى، أن التضامن أساسي مع المحتاجين، كما أصبحت الأحادية من مخلفات عصر مضى.

ومع هيمنة العولمة في النظام الدولي اليوم، فإن الدول التي ستعمل بمفردها سوف تتخلف لا محالة عن الركب. وقد وضعت دولة الإمارات، كدولة يافعة تقترب من الـ 50 عاماً على تأسيسها، التبادل المفتوح والتفاعل العالمي في صميم نهجها التنموي.

فمن دون شراكاتنا الدولية واعترافنا بالخبرات والمعرفة الغنية التي يمكن أن تتقاسمها الدول الأخرى معنا، لما أمكننا تحقيق أي من الإنجازات الأخيرة في الدولة – من الاستضافة المقبلة لإكسبو 2020 دبي الذي يقام لأول مرة في الشرق الأوسط، إلى توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام التاريخي مع دولة إسرائيل برعاية الولايات المتحدة، وإنشاء محطة "براكة" كأول محطة للطاقة النووية السلمية في المنطقة، إلى إرسال أول بعثة استكشافية عربية إلى المريخ.

إن هذا الوباء ليس سوى مجرد تحد واحد يواجهنا، واللائحة تطول مع تغير المناخ، وعدم المساواة الاقتصادية، وانعدام الأمن الغذائي، وعدم الاستقرار الإقليمي، وقضايا عالمية أخرى هامة. لذا، فإن دولة الإمارات تساند جهود مجموعة العشرين ونحن نواصل التعبير عن التزامنا القوي بالانفتاح والإيمان بقيمة التعددية.

لقد ترك لنا إعلان القادة النهائي رسالة قوية لتوجيه عملنا في المستقبل: "نحن قادة مجموعة العشرين نقف متحدين في قناعتنا بأن العمل العالمي المنسق والتضامن والتعاون المتعدد الأطراف أصبح اليوم أكثر ضرورة من أي وقت مضى للتغلب على التحديات الحالية، وتحقيق فرص القرن الحادي والعشرين للجميع، من خلال تمكين الناس وحماية كوكب الأرض وتشكيل حدود جديدة".


تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button