من قلب الإغلاق: إيطاليا ترسل شعاع أمل للعالم

27/05/2020 عام | سعادة عمر عبيد الشامسي

 3283     3

في حين يتسابق العلماء والأطباء للعثور على لقاح يكبح جماح الوباء، يواصل الفنّانون والمثقفون الإيطاليون معركتهم لإطلاق سراح الإبداع وتحرير الطاقات ليعلنوا بزهو أنّ لا حدود لثقافة الإيجابية. فإيطاليا التي تضم بين حدودها أكبر عددا على الإطلاق من المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، تدر ك أن الحفاظ على التراث الثقافي هو حاجة ملحة وواجب إنساني جماعي، بل إن إعادة إحياء الثقافة الإيطالية في ظل الظروف الراهنة تشكل ضرورة لا ينبغي تأجيلها، ليس فقط لأنها مصدر رئيسي للدخل القومي، بل نظرا للدور الهام الذي يلعبه العامل الثقافي في مجابهة الكوارث والتهديدات وإعادة بثّ الحياة الاجتماعية والشعور بالتفاؤل، ومساهمته في تعزيز مفاهيم التضامن والتسامح والشفاء، ونشر ثقافة المحبة والأمل والسلام، واحترام الاختلاف ونبذ الانقسام، لذلك يعتبر إحياء التراث الثقافي ضرورة تستوجب العمل عليها في المراحل المبكرة "لإعادة الإعمار" بعد الوباء، وهذا ما دفع الحكومة الإيطالية أيضا إلى السماح للمكتبات بفتح أبوابها من جديد، لتؤكد أن الكتاب هو غذاء الروح الذي يضاهي السلع الأساسية الأخرى.


فاليوم خلت السماء من الطائرات ووقفت عجلة الأرض، وما بات هنالك من وسيلة للسفر وتخطي جدران العزلة والخوف والمرض إلا بسلاح التواصل الإنساني. إلى أن تمضي هذه المحنة ويزول الخطر وتعود خلية النحل إلى طنينها وبهجتها المعهودة، ستذهب دور العبادة والجامعات والمدارس والمسارح وشاشات السينما ودور الأوبرا وكنوز المعارض والمتاحف، والشعر والموسيقى والأدب والكتب، إلى جمهورها في المدن الإيطالية الخاوية، لتعيد النبض في شريانها الثقافي ولتذكر العالم بجمالية وقوة العقل البشري المقدم على الحياة رغم أنف الفيروس.


إن التحديات التي تواجه الإنسانية في الوقت الحاضر، وإيطاليا أكثر من أي وقت مضى، تحتّم عليها الحفاظ على تاريخ الإرث الثقافي ورصيدها من التجارب والخبرات البشرية، انطلاقا من موقعها الجغرافي الذي يشكَّل جسرا للتواصل بين حضارات العالم واستمرارا للتواصل التاريخي بين العالم ومدن الفن والثقافة الإيطالية، حيث ستعكس هذه التجربة القاسية كغيرها من الأحداث التاريخية التي أسفرت عن انفراجات عظيمة عمق هذا التواصل – واتساع مداه الزمني، من خلال تسخير الإرث الثقافي لتتواصل مسيرة الحياة وتخرج من الظلمة للنور، تماما كصوت مغني الأوبرا الشهير بوتشيلّي الذي فقد بصره منذ طفولته، وأرسل للعالم من ميلانو شعاع الأمل بمستقبل مزهر قريب.


وصلت رسالتك إلى الإمارات يا إيطاليا، وستتضافر جهودنا لنتغلب سويا على هذا التحدي ونعود بخطى ثابتة لبناء الغد الأجمل ونملأ المحافل التراثية والتاريخية بالعزيمة والأمل.


سعادة عمر عبيد الشامسي

سفير دولة الإمارات في إيطاليا

وزارة الخارجية والتعاون الدولي

تعليقاتكم

3 Comments

Anonymous علق في 29/05/2020

كلنا أمل بأذن الله سوف تعود عجلة الحياة الى سابق عهدها ❤️


Anonymous علق في 28/05/2020

يعطيك العافيه وماقصرة ، هذا مجهود يظاف الى ملف الدولة وملفك الخاص كانت رسالة واضحه للعالم .


(success)
Start chat button