يشهد سوق التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط والعالم، ارتفاعاً ملحوظاً مع تسارع المنافسة، ومن المتوقع أن ينمو سوق تلك التجارة في الشرق الأوسط بنسبة 16.4 % خلال السنوات الثلاث والنصف القادمة ليصل حجمه إلى 48.6 مليار دولار في عام 2022 بارتفاع يقدر بنحو 26.9 مليار دولار عن العام الجاري، وفقاً لتقرير صادر عن شركة بي إم أي العالمية للأبحاث.
وتوقع التقرير أن تظل الإمارات والسعودية أكبر أسواق التجارة الإلكترونية والأسرع نمواً في المنطقة خلال السنوات المقبلة، وذلك بدعم من الإجراءات والتطورات المتسارعة التي شهدها السوقان مؤخراً، ومن أبرزها إطلاق شركة نون دوت كوم وتوقيعها اتفاقية مع "إي باي" الصينية، واستحواذ شركة أمازون على شركة سوق دوت كوم، وإنشاء مجلس التجارة الإلكترونية برئاسة وزير التجارة في السعودية.
إذن، انتعاش التجارة الإلكترونية هو بمنزلة موجة عاتية تجتاح دول المنطقة والعالم، في وقت تعاني فيه التجارة التقليدية من تبعات التباطؤ في النمو نتيجة الأزمات والتحديات الاقتصادية التي تشهدها العديد من الاقتصادات الكبرى والصغرى على حد سواء.
هذا النمو المحموم في قطاع التجارة الإلكترونية سواءً على مستوى دول الشرق الأوسط أو العالم يواجه مجموعة من التحديات، من أبرزها القصور في مستوى الاهتمام الحكومي في العديد من الدول، مقارنة مع النمو السريع في تلك التجارة، خاصة فيما يتعلق بالمنظومة التشريعية التي تحكم عمل التجارة الإلكترونية، حيث يشوب تلك المنظومة العديد من جوانب الضعف التي تؤثر سلباً على إثبات الحقوق وإجراءات التقاضي بين أطراف العملية التجارية.
يضاف إلى ذلك التباطؤ الشديد في نمو العمليات المصرفية المتعلقة بالتجزئة الإلكترونية، خاصة بطاقات الخصم والائتمان، وتدني مستوى الأمن الإلكتروني وتزايد عمليات القرصنة وتفاوت مستوى الابتكار والتقدم الإلكتروني في دول المنطقة.
ومن التحديات كذلك، زيادة الأعباء الجمركية في ظل تزايد حجم التجارة الفردية، وضعف مستوى الرقابة الجمركية على هذه النوعية من التجارة، وبينما تقوم الجمارك بدور فعال في مراقبة السلع المادية التي ترد ضمن قطاع التجارة الإلكترونية، فإنها تعجز عجزاً كاملاً عن مراقبة السلع الافتراضية منها كالبرامج والتطبيقات والألعاب الإلكترونية التي يتم شراؤها مباشرة عبر الإنترنت من دون أن تعبر الحدود أو المنافذ الجمركية.
أيضاً، يصعب توفير الحماية الكاملة للمستهلك في قطاع التجزئة الإلكترونية، فقد يلجأ المنتج إلى التغاضي عن سلامة وأمن المستهلك بإيهامه بمزايا غير حقيقية في إنتاجه بصورة أكبر من التجارة التقليدية.
هذه التحديات وغيرها، لا تستطيع أن تخفي حقيقة أن التجارة الإلكترونية أصبحت جزءاً مهماً من حياتنا، وأن الأجيال المقبلة لن تستطيع العيش بدونها، أو أنها ستصبح خلال العقود المقبلة الساحة الأبرز لعقد الصفقات والحصول على احتياجات الفرد اليومية، لذا ينبغي التعامل مع هذه التحديات بحكمة وابتكار، خاصة على مستوى قطاع الجمارك في دول المنطقة والعالم.
فعلى قطاع الجمارك في العالم أن يتعاون في وضع إطار تشريعي دولي
ينظم حركة السلع والبضائع (عينية وإلكترونية) التي تتم ضمن قطاع التجارة
الإلكترونية ويضمن مراقبتها وفرض وتحصيل الرسوم المستحقة عليها، كما أن عليه أن
يتعاون في فرض آليات رقابية أكثر صرامة تضمن تحقيق الامتثال في قطاع الشحن والنقل،
خاصة البحري والجوي، الذي يستخدم بكثرة في التجارة الإلكترونية، وكذلك التعاون مع
الهيئات الضريبية من أجل التحصيل الأمثل لضريبة القيمة المضافة على تلك السلع ودعم
الاقتصادات الوطنية.
للمساعدة، برجاء التواصل مع:
مواضيع شائعة للبحث