الذكاء الاصطناعي المستدام والتكنولوجيا المتقدمة في الخدمات القنصلية

20/06/2023 عام | سعادة فيصل لطفي وكيل وزارة مساعد للشؤون القنصلية

 3477     0

في الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات بيئية واقتصادية، أصبح تحقيق الاستدامة هدفاً أساسياً للدول في جميع أنحاء العالم. ومع نشأة الذكاء الاصطناعي (AI) كأداة قوية لمساعدة الحكومات والمنظمات على تحقيق هذه الأهداف، تسعى وزارة الخارجية إلى تقديم خدمات سلسة وشاملة للمتعاملين بما يواكب رؤية "نحن الإمارات 2031" واستراتيجية الإمارات للخدمات الحكومية 2021-2025.

وقد عملت الوزارة جاهدة على تسخير الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة في الخدمات القنصلية لتحقيق الاستدامة والفوائد المحتملة لهذه المبادرات المبتكرة تنفيذاً لرؤية القيادة الرشيدة في الإمارات العربية المتحدة وتحقيقاً لأهداف "مئوية الإمارات 2071"، وبما ينسجم مع مبادئ الخمسين.

 

عمليات تصديق صديقة للبيئة

نظام تصديق المستندات الإلكتروني (eDAS) الذي تم إطلاقه في فبراير 2023 هو منصة رقمية متطورة تسهل عمليات التصديق لمختلف أنواع المستندات الرسمية الشخصية والمستندات التجارية في الإمارات العربية المتحدة. ويتيح النظام للمستخدمين إرسال وثائقهم وطلباتهم إلكترونياً دون الحاجة إلى تقديم المستندات الورقية شخصياً. ويستخدم النظام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتحقق من صحة الوثائق المقدمة مما يسرع وقت المعالجة ويحسّن من دقة المعلومات.

ومن خلال تسخير الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا التعرف البصري على الحروف (OCR)، يساعد نظام تصديق المستندات الإلكتروني eDAS في ضمان امتثال الشركات للمتطلبات القانونية والتنظيمية، مما يخلق بيئة أكثر شفافية وأمانًا لكافة أصحاب المصلحة على حد سواء.

ويتميز النظام أيضاً بقاعدة بيانات مركزية تسمح بتنسيق أفضل بين مختلف الجهات الحكومية وتعزيز التعاون وجمع البيانات وتبادلها وتحليلها.

والأهم من ذلك، أنه ينسجم مع الأهداف التي حددتها الإمارات العربية المتحدة لعام الاستدامة، من خلال تنفيذ إجراءات التصديق باستخدام مخفّض للمستندات الورقية ويخفض البصمة الكربونية.

ومنذ إطلاق النظام، تم إصدار 400 ألف تصديق رقمي، دون الحاجة إلى ملصقات وطوابع على الوثائق. وقد أدى ذلك إلى توفير الوقت للمتعامل والتقليص من استهلاك الورق مما كان له تأثير كبير على البصمة الكربونية للخدمة، وبالتالي ساهم في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والبيئية والاجتماعية ودعم التزام الإمارات العربية المتحدة بخفض الانبعاثات والوفاء بالتزاماتها للحد من تأثير تغير المناخ.

 

البعثة الذكية: خطوة نحو الخدمات الحكومية المستقبلية

البعثة الذكية للإمارات هي مبادرة أُطلقت مؤخرًا تهدف إلى تحسين كفاءة وجودة الخدمات القنصلية التي تقدمها بعثات الدولة في الخارج وإمكانية الوصول إليها من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة. ويرتكز المشروع على الذكاء الاصطناعي والروبوتات وتحليلات البيانات

بهدف الارتقاء بالخدمات القنصلية والتوافق مع استراتيجيات الاستدامة لحكومة الإمارات التي تنشد مستقبلاً صديقاً للبيئة وأكثر ازدهارًا للدولة.

ومن خلال هذا المشروع، تسعى وزارة الخارجية أيضًا إلى المساهمة في جهود الحكومة لسد الفجوة الرقمية، من خلال ضمان حصول جميع مواطني الإمارات العربية المتحدة على الخدمات القائمة على الذكاء الاصطناعي والاستفادة من مكاسب الاستدامة الناتجة عنه.

وتشمل السمات الرئيسية لمشروع البعثة الذكية ما يلي:

1. الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في خدمة المتعاملين: يعتمد مشروع البعثة الذكية على التقنية ثلاثية الأبعاد "الهولوغرام" لمساعدة المتعاملين من خلال ردود فورية ودقيقة على استفساراتهم. وتساعد أدوات الذكاء الاصطناعي هذه على تقليل أوقات الانتظار وتسهيل الخدمات وتعزيز رضا المتعامل.

2. التحليلات التنبؤية للحوكمة الاستباقية: تستخدم المبادرة تحليلات البيانات لتحديد الأنماط والتوجهات في العمليات القنصلية، مما يسمح بتعزيز صنع القرار وتخصيص الموارد ويمكن الوزارة من توقع المشكلات والتحديات المحتملة والاستجابة لها.

3. البنية التحتية الذكية: تعزز البعثة الذكية تطوير البنية التحتية المستدامة من خلال العناصر المطبوعة ثلاثية الأبعاد، والأنظمة الموفرة للطاقة، والأجهزة التي تدعم إنترنت الأشياء مما يساهم في الاستدامة الشاملة.

وتستفيد الإمارات العربية المتحدة من الذكاء الاصطناعي لتقديم المساعدة القنصلية الافتراضية للمواطنين والمقيمين، مما يقلل من الحاجة إلى الزيارات الشخصية ويوفر الوقت والطاقة والموارد. ويمكن لروبوتات الدردشة (شات بوت) والمساعدين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الاصطناعي التعامل مع الاستفسارات والمهام الشائعة، مثل جدولة المواعيد، وتوفير المعلومات عن الخدمات، وتوجيه المستخدمين من خلال عمليات التطبيقات. وهذا لا يزيد الكفاءة فحسب، بل يخفف من البصمة البيئية المرتبطة بالعمليات القنصلية التقليدية.

وتعد تجربة الإمارات العربية المتحدة مثالًا ملهمًا للدول الأخرى التي تتطلع إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في سعيها نحو تحقيق الاستدامة. ويؤدي التزام الدولة بتسخير الذكاء الاصطناعي وأحدث التقنيات إلى إحداث ثورة في تقديم الخدمات الحكومية. فمن خلال مبادرات مثل نظام تصديق المستندات الإلكترونية eDAS ومشروع البعثة الذكية Smart Mission، تتولى وزارة الخارجية توفير خدمات حكومية استباقية وفعالة يسهل الوصول إليها لتلبي الاحتياجات المتغيرة لمواطني الدولة وللمقيمين فيها. ويُظهر اعتماد الإمارات العربية المتحدة على الذكاء الاصطناعي في الخدمات القنصلية التزام الدولة بتسخير التكنولوجيا في مسار التنمية المستدامة. فمن خلال تبسيط العمليات، والاستفادة المثلى من الموارد، وتعزيز الأمن، وتقديم المساعدة الافتراضية، تخطو الإمارات خطوات واسعة نحو تحقيق أهداف الاستدامة.

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button