ركزت رؤية قيادة دولة الإمارات منذ اتحادها على إشراك الشباب والاستثمار في طاقاتهم، وخلق فرص استثنائية لتلبية احتياجات وتطلعات الشباب وإتاحة الفرص لهم وتمكينهم في شتى المجالات، باعتبارهم الثروة الحقيقية لهذا الوطن وأساس لبناء مستقبله وتعزيز ريادته. ففي مطلع عام 1972 عينت دولة الإمارات المغفور له سعادة/ خليفة أحمد عبد العزيز المبارك، سفيراً لدى جمهورية السودان الشقيقة، بعمر 26 عاماً والذي يُعد أول سفير شاب لدولة الإمارات وكذلك تعيين الشباب الإماراتي في المناصب القيادية الدبلوماسية لقيادة الملفات السياسية المختلفة وتمثيل الدولة في الخارج كواجهة لدولتنا الحبيبة.

ومن أجل تحقيق قفزة نوعية ذات طبيعة تحوليّة للدبلوماسية الحديثة، أتت الحاجة إلى اعتماد نموذج جديد يدعم إشراك الشباب ويحقق إمكاناتهم، فضلاً عن تحسين مساهمتهم في تعزيز السياسة الخارجية لدولة الامارات، كونهم يمثلون أكثر من نصف نسبة الموظفين في وزارة الخارجية والتعاون الدولي. استدعى ذلك وجود مساحة/منصة ديناميكية مخصصة تجمع الشباب مع صانعي السياسات ومتخذي القرار المعنيين وغيرهم من أصحاب المصلحة لتبادل الأفكار والمعلومات والخبرات واستكشاف الحلول المبتكرة وكذلك تعزيز الحوار وأوجه التآزر.  وما كان لقرار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، في عام 2018 بتشكيل "مجلس شباب وزارة الخارجية والتعاون الدولي"، إلا ترجمةً لهذه الرؤى وكمسرّع لتحقيق الأهداف المستقبلية لدولة الامارات عبر حشد الطاقات الشبابية وتحفيزهم على المزيد من الإبداع والابتكار في العلاقات الدولية والدبلوماسية الإماراتية. فتبنى المجلس منذ نشأته شعار "دبلوماسية المستقبل، طموحٌ وأمل" حيث تتمثل رؤية المجلس بالعمل على إعداد جيل واعد من الشباب الدبلوماسيين يساهمون في تعزيز مسيرة السياسة الخارجية لدولة الإمارات، يتحلون بروح المنافسة ومتمسكين بأصالة القيم الإماراتية.

فاعلية الدبلوماسي تنبع من قدرته على اتخاذ زمام المبادرة والتفاعل والمشاركة بإيجابية في المناقشات وطرح وجهة نظر وموقف بلاده استناداً إلى أسس موضوعية متسلحاً بخبرات تراكمية اكتسبها من خلال الممارسة والتجارب العملية وكون الشباب محور من محاور القوة ناعمة في الدبلوماسية الحديثة، خلق الشباب الدبلوماسي مسار مبتكر ساهم في تعزيز العلاقات والشراكات الدولية الثنائية والمتعددة الأطراف فكانت المشاركات الدولية رسالة راسخة إلى العالم حول مبادئ التسامح وجسر التواصل بين الشعوب المختلفة وتبادل الخبرات بين الدول، انطلاقاً من نقل أفضل الممارسات وتجارب دولة الامارات في الملفات المختلفة، وصولاً إلى تطوير ممارسات جديدة تلبي احتياجات العصر وتتماشى مع المتغيرات التي تمر على البشرية وتساهم في تحقيق الأهداف المشتركة للتنمية المستدامة. بإمكان الدبلوماسيين الشباب اليوم أن يحدثوا تغييراً إيجابياً من مواقعهم ويساهموا في إعادة فتح آفاق التعاون والتواصل بين الدول في عالم ما بعد الجائحة، بالاستفادة من فروع الدبلوماسية الصاعدة بقوة مثل الدبلوماسية الشابة. والجدير بالذكر أنه قد تم تصميم البرامج والمبادرات المشتركة بين الشباب في دولة الامارات والدول الشريكة المختلفة كلاً بما يتناسب مع الأهداف المشتركة التي تجمعنا معهم وهذا ما تبنته سياسة القوة الناعمة وهي البحث عن المحاور المتشابه والبناء عليها وتعزيزها، فكانت الشراكة مع مجلس الشباب الدبلوماسي التابع لوزارة خارجية الاتحاد الروسي كسبيل المثال تتمحور حول شغف وحرص الدبلوماسي الناجح على إيصال رسالة ورؤية وطنه بوضوح، يقدر ويحترم كافة المجتمعات الإنسانية الأخرى ويبني الجسور معها، ويتطلع للمستقبل بتفاؤل، وعندما يخاطب الناس، يخاطبهم بلغتهم وبأسلوب يقربه منهم.

وخلال عام 2021-2022، أطلق المجلس استراتيجيته الجديدة والتي قد تم مواءمتها مع مبادئ الخمسين لدولة الامارات وسيتم العمل على المبادرات والبرامج ضمن أطر قيم الولاء والإخلاص، التميز، التنافسية، الريادة، الاستباقية، تبني التغيير، الوعي، اغتنام الفرص، التسامح. أما المحاور الأربعة التي سيركز عليها المجلس خلال الفترة القادمة تطوير كفاءات الشباب، المسؤولية الدولية تجاه الشباب، المعرفة، تعزيز جودة الحياة. 

 إيمان حبليل

رئيسة مجلس شباب وزارة الخارجية والتعاون الدولي