المسرح الخليجي.. استدامة المعرفة ومنصة التاريخ

15/10/2024 عام | وزارة الثقافة

 209     0

مقال الدكتورة منى السويدي، مستشار برامج ومشاريع قطاع تنمية المبدعين حول مشاركة الوزارة في مهرجان المسرح الخليجي الدورة الرابعة عشرة منذ تأسيسه، ساهم مهرجان المسرح الخليجي في لفت الأنظار إلى الطاقات الإبداعية المهمة التي يمتلكها الخليج العربي على صعيد هذا النوع من الفنون، واستطاع العديد من الرموز المسرحية أن يتركوا بصمة لافتة في هذا الميدان الذي احتضن أعمالاً كثيرة وجدت طريقها إلى ذاكرة المجتمعات، وحفرت حضورها في وجدانهم الفكري والمعرفي، وارتبطت مع موروثهم، وثقافتهم، وهويتهم الوطنية القيمة. سعدنا هذا العام بالمشاركة في مهرجان المسرح الخليجي في العاصمة السعودية الرياض، الحدث الثقافي الهام الذي يجمع المسرحيين من دول الخليج العربي والعالم العربي لتبادل التجارب والأفكار وعرض الأعمال المسرحية. عاد المهرجان إلى ألقه بعد أعوام طويلة، محتضنًا عمالقة الفن في الخليج العربي وشخصيات تركت بصمتها على خشبته، مستذكرًا الإرث الكبير الذي صاغه عمالقة كبار أمثال الراحلين الدكتور إبراهيم غلوم، ورائد المسرح التجريبي عبد الله السعداوي، والأستاذ موسى زينل الذي رحل عن عالمنا مؤخرًا، وغيرهم الكثير من الأسماء اللامعة التي ساهمت بشكل فاعل في إحداث تأثير كبير على حراك المسرح الخليجي وصدّرت حضوره الواثق عربيًا ودوليًا. كانت مشاركة الدولة لهذا العام متمثلة بمسرح أم القيوين الوطني الذي قدم عرض "أشوفك" لكاتبه عبدالله إسماعيل، الذي حصل على جائزة أفضل نص مسرحي، حيث يتمتع النص بخصوصية فريدة، فهو مستلهم من قصة تاريخية واقعية، حدثت في الخمسينات من القرن الماضي، حيث يتناول العرض شخصية "جرناس"، وهو حارس ليلي للمدينة، له تأثيره الكبير في الناس، فقد كان شعلة الضوء في وسط ظلام دامس تريد أن تهديهم إلى واقع جديد غير الذي يعيشونه وسط الجهل واللامبالاة، وتتجلى عبقرية النص في عرض التناقضات وحبك الإسقاطات، في حكايات ومواقف يسردها العمل بحرفية. كما نشعر بالفخر لتكريم الفنان الإماراتي القدير أحمد الجسمي خلال فعاليات المهرجان، تقديرًا لمسيرته الفنية الطويلة والمتميزة التي امتدت لعقود، حيث أثرى من خلالها الساحة الفنية المحلية والخليجية بأعماله الفنية في مجالي الدراما والمسرح. لقد قدم الجسمي إسهامات لا تُحصى بأدواره البارزة وجهوده المتواصلة لتطوير المشهد الفني الإماراتي والعربي وتأهيل الفنانين الشباب، ما يجعله أحد أبرز الشخصيات الفنية في هذا المجال. هذا التكريم يأتي كعرفان لتاريخه العريق ومساهماته العميقة في إثراء الثقافة والفن. ولا شك أن هذه المشاركة فرصة للمسرحيين في أم القيوين لعرض أعمالهم وخلق حوار فني مع زملائهم من باقي دول الخليج، مما يعزز من تطور المشهد المسرحي في المنطقة بشكل عام، ونحن في وزارة الثقافة نفخر بهذا المهرجان وبما يقدمه من جهود مخلصة تسهم في دفع عجلة الحراك المسرحي ودعم العاملين فيه. فمشاركتنا في المهرجان هي وسيلة لترويج التراث الثقافي الإماراتي الغني وإبراز وتعزيز مكانة الدولة وحضورها الثقافي على المستويين الإقليمي والعالمي. وبهذا نؤكد التزامنا بتقديم ثقافة تلهم العالم، وتفتح آفاقًا أوسع للتواصل الإنساني والتفاهم المشترك بين الشعوب، مما يعزز موقع الإمارات كمنارة ثقافية عالمية.

تعليقاتكم

لا يوجد تعليقات حالياً.


(success)
Start chat button