الذكاء الاصطناعي.. محرك الابتكار في القطاع الرياضي لاستكمال مسيرة التنمية الرياضية

01/03/2025 الصحة واللياقة البدنية | بقلم: سعادة/ غانم مبارك الهاجري - وكيل وزارة الرياضة

 780     0

أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) اليوم ركيزة أساسية في العديد من القطاعات الحيوية حول العالم لاسيما القطاع الرياضي، حيث تلعب دورًا متزايدًا في تحسين الكفاءة، زيادة الإنتاجية، وتطوير الابتكارات. وفي الآونة الأخيرة، يشهد القطاع الرياضي تحولاً جوهريًا بفضل إمكانيات الذكاء الاصطناعي، إذ تسهم هذه التقنيات في تحقيق إنجازات غير مسبوقة على مستوى الأداء الرياضي والإدارة الرياضية. فالذكاء الاصطناعي له دور محوري في تطوير الرياضة، فكيف يمكن للمعنيين في هذا المجال استثماره وتوظيفه من أجل تحقيق التنمية الرياضية المنشودة والنهوض بالمستقبل الرياضة الوطنية. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفر حلولًا فريدة لتحليل الأداء الرياضي. فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات تحليل البيانات الكبيرة (Big Data) لتقييم أداء اللاعبين بشكل تفصيلي ودقيق، ما يساعد المدربين واللاعبين على اكتشاف نقاط القوة والضعف واتخاذ قرارات قائمة على أسس علمية واضحة. ومن خلال تحليل الفيديوهات والبيانات الفسيولوجية (مثل معدل ضربات القلب ونسبة الأكسجين في الدم)، يمكن تحسين استراتيجيات التدريب وتقديم توصيات فردية لكل لاعب لتطوير أدائه بأفضل طريقة ممكنة. كما أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على تحسين الأداء الرياضي فحسب، بل يمكن أن يكون له دور بارز في اكتشاف المواهب الرياضية، وهو ما يصب في تحقيق المستهدفات الوطنية للرياضة، فمن خلال استخدام نماذج تحليل البيانات، يمكن تحديد المواهب الشابة المؤهلة من أصحاب المهارات بناءً على مجموعة من العوامل مثل الأداء البدني، الإحصاءات الرياضية، وحتى العوامل النفسية. هذا يمكن أن يسهم في بناء جيل من الأبطال الرياضيين استناداً إلى أسس علمية قوية وليس إلى التقييم الشخصي وحده. إضافة إلى تحسين الأداء الرياضي، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا في إدارة المنشآت الرياضية بشكل أكثر كفاءة. يمكن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحسين عمليات الصيانة والتشغيل وتقليل استهلاك الطاقة، من خلال مراقبة وتحليل البيانات بشكل مستمر، بما يسهم في تقليل التكاليف وزيادة فعالية تشغيل المرافق الرياضية. وفي إطار السعي لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للرياضة 2031، يمكن لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي أن يكون له أثر بالغ في تعزيز مكانة الرياضة الإماراتية على الساحة الرياضية الدولية، فوزارة الرياضة في الإمارات لديها فرصة فريدة للاستفادة من هذه التقنيات من خلال: • تطوير برامج تدريبية تعتمد على الذكاء الاصطناعي: يمكن إعداد برامج تدريبية شخصية قائمة على تحليل البيانات، تتناسب مع احتياجات كل لاعب وتدفعه لتحقيق أقصى إمكاناته، بالتعاون مع الاتحادات الرياضية الوطنية. • إطلاق منصات رقمية لاكتشاف المواهب: يمكن تصميم منصات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتمكين المواهب الشابة وتحليل أدائها في عمر مبكر، بما يسهم في تحسين آلية اكتشاف المواهب وصقلها. • تحليل البيانات الخاصة بالمشجعين والتفاعل معهم: يمكن أيضًا للذكاء الاصطناعي أن يسهم في فهم احتياجات المشجعين وتعزيز تجربتهم الرياضية من خلال تحسين التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي أو التطبيقات المخصصة. وكمعنيين بالشأن الرياضي ومهتمين بتحقيق أقصى درجات النمو والتطور في هذا المجال، نسعى إلى تحقيق تعاون مشترك بين القطاع الرياضي الوطني ومؤسسات القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية الرائدة لاستكمال مسيرة التنمية الرياضية وتحقيق أفضل النتائج للرياضة الإماراتية حتى تصبح نموذجاً ريادياً يُحتذى به عالمياً. فعلى سبيل المثال، يمكن للقطاع الرياضي في الإمارات أن يستفيد بشكل كبير من التعاون مع شركات تقنية مثل G42، التي تلعب دورًا رياديًا في تقديم حلول الذكاء الاصطناعي على مستوى متقدم. إضافة إلى ذلك، فالتعاون مع الجامعات المتخصصة مثل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للابتكار في المجال الرياضي. من خلال تقديم حلول تقنية مبتكرة وتطوير الأبحاث والدراسات المتقدمة، يمكن لهذه المؤسسات الأكاديمية أن تسهم في بناء أنظمة جديدة لتحليل الأداء الرياضي، اكتشاف المواهب، وحتى تطوير استراتيجيات إدارة المنشآت الرياضية. هذا التعاون بين القطاعات يضمن تسريع التطورات التقنية في المجال الرياضي وتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة لرياضتنا، حيث يمكن لهذا التكامل بين القطاع الخاص والجهات الأكاديمية أن يضع الإمارات في مقدمة الدول التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لدعم الإنجازات الرياضية. إن تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الرياضي لم يعد رفاهية بل ضرورة لتحقيق التميز في الرياضة. إذ يمكن للقطاع الرياضي في الإمارات تحقيق طفرات هائلة إذا ما استثمر في هذه التقنيات بطريقة مدروسة وفقاً لأفضل الممارسات والمعايير العالمية. فمن الضروري أن يعمل الرياضيون، المدربون، الإداريون، والجهات المعنية معًا لتطوير استراتيجيات شاملة تدمج الذكاء الاصطناعي في كل جوانب الرياضة. بهذا الشكل، ستكون الرياضة الإماراتية على الطريق الصحيح لتحقيق التفوق على المستويين الإقليمي والعالمي.

Your Comment

No Comments


Need Help

Need Help Description

(success)

Popular Searches

Start chat button