للإرشاد والتوجيه أهمية كبيرة ضمن المنظومة التعليمية، فهو موضوع متشعب، له أبعاد تربوية عدة ومهمة، إذا ما أحسن التعامل معه، وتكييفه بالشكل الصحيح والأمثل من أجل رفع سقف جودة التوقعات والمخرجات التعليمية، حيث يعد بمثابة ضمانة حقيقية، في تحديد مسارات تثري تجربة الطالب وتضعه على الطريق الصحيح، سواء على الصعيد الأكاديمي، أو المهني، كما يركز على توفير الممكنات الداعمة لنمو الطالب السليم اجتماعيا وعاطفيا وبالتالي ينعكس ذلك على جودة حياة الطلبة، والاستثمار الأمثل في قدراتهم ومواهبهم وطاقاتهم الكبيرة.
يمر العالم، ونحن في الإمارات جزء منه في مرحلة دقيقة وحساسة، بالغة التعقيد، ألقت بظلالها على الحياة بشكل عام، والتعليم خاصة، وذلك نتيجة وباء غير مسبوق حدَ من التواصل إلى قدر كبير، وهذا ما فرض على أنظمتنا التعليمية تحديات جديدة وكبيرة، والإرشاد والتوجيه، جزء مهم من أي نظام تعليمي يتطلع إلى تحقيق رؤيته المستقبلية المستدامة، وأصبح لزاماً أن نضع له منهجية تتناسب مع الواقع الجديد، عبر الاستفادة المثلى من التقنية الحديثة، والممكنات الرقمية في مواصلة التقدم، تحقيقاً للمستهدفات التي تنبثق عن هذا المجال.
منظومة الإرشاد والتوجيه في وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات، تتمحور حول جانبين مهمين، أحدهما الإرشاد الأكاديمي والمهني، والذي يتطلب توفير حزمة من مختلف الأدوات الهادفة لتقييم ميول الطلبة، وتوجيههم لاختيار المهنة (أو مجموعة المهن) الأكثر ملائمة وتطابقاً مع توجهاتهم واستعداداتهم، ووضع الأطر والسياسات الرامية لتوظيف هذه الأدوات وتوجيهها لقيادة الطلاب والأخذ بيدهم أثناء عملية تخطيط مساراتهم التعليمية والمهنية، سواء كان ذلك في المدارس (المسار المتقدم - العام - التطبيقي - الأكاديميات المتخصصة) أو في الجامعات (التعليم الأكاديمي أو المهني مع اختلاف تخصصاتهم). ومع متطلبات سوق العمل المستقبلية المتغيرة بشكل مستمر يتطلب هذا الجانب ديناميكية عالية في تصميم برامج ومبادرات للإرشاد الأكاديمي والمهني تواكب هذه التغيرات وتعمل بشكل استباقي على تهيئة الجيل الجديد بالمهارات المطلوبة لسوق العمل المستقبلي.
والجانب الآخر والذي لا يقل أهمية عن الجانب الأول، الإرشاد الاجتماعي والنفسي، يتمحور حول تمكين النشء من كافة المهارات والأدوات التي تضمن نموهم العاطفي والاجتماعي السليم والذي بدوره يسهم بشكل أساسي في إعداد الطلبة لتحقيق أحلامهم وأهدافهم على المستوى الشخصي والأكاديمي والمهني مستقبلا. كما أن جانب الإرشاد النفسي والاجتماعي يسهم بشكل مباشر على تهيئة بيئة مدرسية صحية وآمنة للطلبة من خلال التركيز على برامج الوقاية من التنمر وحماية الطفل من كافة أنواع الإساءة، فضلاً عن التركيز على أهمية تحقيق الانضباط السلوكي للطلبة في البيئة المدرسية، وكل ذلك يتم من خلال منظومة وطنية تسعى لتكاملية الجهود وتطويرها بالتنسيق مع الجهات المختصة اتحاديا ومحليا.
وفي غمرة الواقع الصحي الجديد، والتداعيات التي سببتها هذه الجائحة تم استحداث مبادرة جديدة تدعم وتعزز عمل ومهام الإرشاد والتوجيه على مستوى المدرسة، من خلال مشروع مركز الإرشاد الافتراضي الذي يشكل واحداً من العوامل المساعدة الرئيسية للإطار الوطني للإرشاد والتوجيه الذي تعمل وزارة التربية والتعليم على تطويره في الوقت الحالي، ليكون بمثابة نافذة للطلبة تمنحهم فرصة مثالية يعبرون من خلالها نحو رحلة إرشادية افتراضية يستكشفون عبرها خياراتهم الأكاديمية والمهنية.
بقلم سعادة د.محمد إبراهيم المعلا
وكيل الوزارة للشؤون الأكاديمية في وزارة التربية والتعليم
Anonymous Commented on 26/09/2021
nice writings
Anonymous Commented on 28/06/2021
مبادرة مميزة تضاف إلى إنجازات منظومة التعليم في وطننا الغالي تحت راية قيادتنا الحكيمة حفظها الله ورعاها.
Popular Searches