الشباب والابتكار أساس تطوير بيئة العمل والتعامل مع التحديات المستقبلية

29/11/2022 عام | سعادة/ د.مريم بطي السويدي

 3025     0

لعل أكثر ما حدا بي لأن أُلقي الضوء في مقالتي هذه على ما توليه دولة الإمارات من اهتمام ورعاية وما تعلقه من آمال وطموحات على شباب الوطن، هو التأكيد على أنه من الأهمية بمكان التعرف عن كثب على مقدار ما يشعر به الشباب أبناء هيئة الأوراق المالية والسلع- مثلهم في ذلك بطبيعة الحال مثل أقرانهم في مختلف جهات العمل بالدولة- من إحساس بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم وتحديد المدى الذي بلغوه على مسار التمكين، ومناقشة الركائز المختلفة في إطار المؤشر الخاص بتمكين الشباب.

الواقع أنه لاجدال في أن شريحة الشّباب تعد في صدارة الفئات التي تسهم بنصيب وافر في بناء المُجتمع وتنميته؛ فهي بمثابة العمود الفقريّ الذي لا يُمكن الاستغناء عنه، ذلك أن مفهوم الشّباب مرادف للقوّة والحيويّة والطّاقة، والقدرة على التحمّل والإنتاج.

وتأسيساً على ذلك؛ تنظر القيادة الحكيمة للدولة إلى الشباب باعتبارهم أغلى موارد الوطن ورأس ماله والسبيل الأول لتعزيز ريادته، كما تبذل جهوداً دؤوبة لتمكين هؤلاء الشباب، من خلال تأهيلهم وتزويدهم بأسباب العلم والمعرفة، وتوفير كافة احتياجاتهم ليستطيعوا القيام بالدور المنوط بهم. وتتحين قيادتنا الرشيدة كل فرصة لتأكيد اهتمامها الخاص بالشباب، واستعدادها الدائم لتوفير كل ما يحتاجون إليه من أجل تفعيل دورهم، وتحقيق رهانها عليهم لصناعة المستقبل.

ولم يكن هذا الاهتمام بقطاع الشباب في دولة الإمارات حديث العهد أو وليد اللحظة، بل إنه واكب تأسيس دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر عام 1971؛ فقد كان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤمناً بدرجة منقطعة النظير بالشباب والدور الذي يجب أن يقوموا به في نهضة أوطانهم.

كما شكلت الرؤية الثاقبة للقيادة الرشيدة التي أرست دعائمها كلمات الوالد المؤسس الشيخ زايد، طيب الله ثراه- في مقولته المأثورة أن "الثروة الحقيقية والمكسب الفعلي للوطن يكمن في الشباب الذي يتسلّح بالعلم والمعرفة"- أساساً وركيزة لاستراتيجية واضحة المعالم، وخريطة طريق مُحددة لكافة مؤسسات دولة الإمارات من أجل بناء جيل من الشباب المتعلّم القادر على تحمل المسؤولية والإسهام الفاعل في رفاه المجتمع.

وانطلاقاً من هذا ترجمت قيادتنا الحكيمة اهتمامها الاستثنائي بقطاع الشباب في إنشاء العديد من المؤسسات، وإطلاق الكثير من المبادرات التي كان لها دور كبير في تفعيل دورهم، والارتقاء بهذا الدور على نحو بات محطّ إعجاب دول العالم، حتى أصبح بعضها يستلهم النموذج الإماراتي في تمكين الشباب، أخذاً في الاعتبار أن فئة الشباب تشكل 12% من أعضاء مجلس الوزراء في دولة الإمارات، كما يشغل حالياً 600 شاب مناصب قيادية في مختلف الجهات الحكومية الاتحادية.

وفي هذا الصدد فإن هيئة الأوراق المالية والسلع لم تألو جهداً ولم تدخر وسعاً في تقديم الدعم والرعاية للشباب؛ حيث أصدر مجلس إدارة الهيئة العام 2021 قراراً بتشكيل مجلس شباب هيئة الأوراق المالية والسلع لدعم مسيرة الهيئة باعتبارها جهة رائدة في القطاع الاقتصادي وليكوِّن الشباب والابتكار معاً الأساس لتطوير العمل ومواجهة التحديات المستقبلية. ووضع المجلس نصب عينه فور تشكيله تحقيق عدة أهداف تضمنت دعم الشباب بالعلم والمعرفة وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في كافة المجالات المرتبطة بأسواق المال في الدولة، وإيجاد سوق مال مبني على الابتكار من خلال تشجيع كافة الأفكار والمبادرات الاقتصادية وتبنيها لتحقيق الريادة، وتنمية مهارات الشباب المهنية في مجال أسواق المال على أيدي خبراء اقتصاديين، فضلاً عن دعم الشباب وتشجيعهم على الادخار والاستثمار في قطاع أسواق المال.

وفي هذا المقام أود التأكيد على أنه يجب أن نتفهم جميعا ما الهدف من تشكيل مجلس شباب الهيئة بحيث يكون الهدف جوهرياً وليس شكلياً؛ إذ أنه يتعين على أعضاء مجلس الشباب الاطلاع على دليل تمكين الشباب الصادر من المؤسسة الاتحادية للشباب، لأنه بالفعل دليل قيم وجدير بأن يطلع عليه الجميع، كما نرى ضرورة قيام مجلس الشباب بالتنسيق مع المسؤولين عن الاستراتيجية في الهيئة لوضع منظومة تمكين الشباب (خطة عمل متكاملة تستند إلى المكونات الرئيسة الخمسة وركائز التمكين الواردة في دليل تمكين الشباب)، وكذلك أن تتعاون إدارة الموارد البشرية بالهيئة مع مجلس الشباب بالقدر اللازم لمعالجة جميع مخرجات جلسة العصف الذهني (تنظيم الانضمام إلى اللجان - رسم مسار وظيفي واضح - تطوير بيئة العمل ومعالجة المفاهيم السلبية... الخ)، إذ أن الهدف لا يقتصر على عقد جلسات عصف ذهني، وإنما تكمن الغاية في جمع آراء الموظفين الشباب ثم مناقشة تلك الآراء والوصول إلى حلول؛ ذلك أن جوهر تشكيل مجلس شباب الهيئة هو أن يتولى شباب الهيئة قيادة التطوير في المرحلة القادمة، وليتمكن من ذلك يجب دعم مشاركته حالياً وصقله بالخبرات والمهارات والتدريب اللازم.

كما أود الإشارة إلى أهمية تولي مجلس شباب الهيئة الريادة في الابتكار في تحسين بيئة العمل وتحسين الخدمات المقدمة من الهيئة. إنه لمن السهل عند الاطلاع على أي مقترح القول أنه لا يتوافق مع الضوابط أو أنه غير قابل للتطبيق، إلا أن الإنجاز الحقيقي يتمثل في كيفية تحويل هذا المقترح ليكون قابلاً للتطبيق، فمثلاً حينما تكون هناك قيود على إدارة الهيئة فيما يتعلق بأمور لازمة لتطوير بيئة العمل، فلماذا لا يتم ابتكار أدوات وحلول جديدة لمعالجة تلك القيود.

ختاماً أعود كي أؤكد على أهمية مجلس شباب الهيئة في تفعيل دور الموظفين الشباب والاستماع إلى أصواتهم وتسخير مواهبهم في خدمة الهيئة ورؤية دولة الإمارات والأجندة الوطنية للشباب من خلال تنفيذ برامج وسياسات وخطط المجالس الشبابية بالدولة، وما تهدف إليه هذه المجالس المؤسسية من استثمار طاقات الشباب في تبوؤ دورهم الريادي في صنع القرار والتعلم والنمو، بما يتناسب مع التطورات العالمية. إنني أتطلع إلى نجاح مجلس شباب الهيئة ليس فقط في تطوير مشاركة الموظفين الشباب ولكن في تحسين بيئة العمل بالهيئة ومعالجة جميع السلبيات لتكون بيئة سعيدة وأكثر إيجابية، وأدعوا مديري جميع الإدارات إلى تقديم كل الدعم لمجلس الشباب على أن يكون هذا الدعم جوهرياً وليس شكلياً.

مع كل التمنيات الطيبة لمجلس شباب الهيئة وغيرها من مجالس الشباب في الجهات بالدولة بالمزيد من التوفيق والتطور.
 
 

Your Comment

No Comments


Need Help

Need Help Description

(success)

Popular Searches

Start chat button