على مدى السنوات، نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في ترسيخ مكانتها كحاضنةٍ لتلاقي الحضارات، ولعبت دوراً ريادياً في بناء جسور التواصل الثقافي والفكري بين الدول، وقدمت للعالم نموذجاً يُحتذى به في دعم الإبداع الفني وإحياء التراث والاحتفاء بالموروث الثقافي.
تشكل المعارض والمُلتقيات الثقافية والفكرية قنوات هامة للتواصل الحضاري، والاحتفاء بالتراث الإنساني، وإبراز ملامح حياة المُجتمعات من منظور فني وأدبي واجتماعي، واستكشاف آفاق التعاون بين المؤسسات والدول في المجالات ذات الاهتمام المشترك. كما تتيح هذه الفعاليات للدول الحاضنة تعزيز حضورها ومشاركتها على خارطة الثقافة العالمية، وتأكيد مكانتها كمركزٍ للتبادل المعرفي والتواصل الفكري، وإبراز ما حققته من تقدمٍ وتطور.
الطوابع التذكارية تكتسب قيمةً ثقافية وتاريخية كبيرة، وتمثل أدواتٍ لتوثيق الصفحات المضيئة في مسيرة النهضة الإنسانية، ورصد الوقائع والأحداث، وتدوين الإنجازات التي تركت بصمتها في تاريخ الأُمم والشعوب على مدى القرون الماضية. ومن هذا المُنطلق، قُمنا مؤخراً في "مجموعة بريد الإمارات" بتنظيم "المعرض الدولي للطوابع - الإمارات 2022"، بالتعاون مع "جمعية الإمارات لهواة الطوابع". ومثَّل هذا الحدث المعرض الدولي الأول للطوابع على مستوى الشرق الأوسط، حيث استقطب 175 عارضاً من 27 دولة من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا وأوقيانوسيا.
وعلى مدى خمسة أيام، شكَّل هذا الحدث منصةً للاحتفاء بالطوابع النادرة والإصدارات البريدية التذكارية، وتسليط الضوء على هواية جمع الطوابع واقتناء المسكوكات النادرة ودراسة جذورها التاريخية، وبناء جسور للتواصل والتعاون بين محبي جمع الطوابع والمهتمين بدراستها ومالكي المجموعات النادرة والجهات البريدية وموزعي الطوابع. واحتضن أيضاً العديد من المقتنيات النادرة، من أبرزها مجموعة طوابع أبوظبي، والتي تعود إلى الفترة من 1963 لغاية افتتاح بريد أبوظبي في 1972؛ ومجموعة تاريخ بريد دبي، والتي واكبت مراحل تطور الخدمة البريدية في الإمارة خلال الفترة من 1909 إلى 1948؛ ومجموعة طوابع مكتب بريد سلطنة عمان (1830 - 1948)؛ إلى جانب عددٍ من المعروضات العالمية ذات قيمة تاريخية كبيرة. وأقيمت على هامش المعرض مسابقةٌ تنافس خلالها العارضون، وتمَّ تكريم أفضل المجموعات بناءً على تقييم لجنةٍ من الخبراء والمختصين. كما أتاح المعرض الدولي للطوابع منبراً للتواصل المعرفي والفكري، حيث شهد إقامة سلسلة من الندوات الحوارية والجلسات التوعوية، تحدَّث خلالها خبراء وباحثون عن أهمية الطوابع ودورها في مواكبة الحضارة الإنسانية، وقدرتها على نقل صورة لحياة المجتمعات خلال حِقَب زمنية مختلفة.
ونجح هذا الملتقى العالمي بتحقيق رسالته الرئيسية في تسليط الضوء على قيمة الطوابع والمجموعات البريدية التذكارية، وإبراز دورها في توثيق الإنجازات التي رسمت ملامح الحضارة وحفظها في الذاكرة الإنسانية، وعرض مراحل تطور المنظومة البريدية محلياً وإقليمياً وعالمياً. وأبرز هذا الحدث أهمية هواية جمع الطوابع ودورها في تنمية الثقافة والمعرفة والتشجيع على دراسة تاريخ الدول.
في "مجموعة بريد الإمارات" نفخر بالأصداء الإيجابية التي حققتها الدورة الأولى من المعرض الدولي للطوابع، ونعتز بأنَّ هذا الحدث ترك بصمته في المشهد الثقافي، وساهم في ترسيخ مكانة الإمارات كمركزٍ عالمي لتواصل الحضارات والثقافات، بالتزامن مع "إكسبو 2020 دبي" حيث يلتقي العالم على أرض الإمارات.
مما لا شكَّ فيه أن "المعرض الدولي للطوابع - الإمارات 2022" شكَّل سابقةً على مستوى منظومة العمل البريدي إقليمياً، وفتح آفاقاً جديدة لثقافة اقتناء الطوابع، فاسحاً المجال أمام إقامة المزيد من فعاليات ومُلتقيات التواصل الفكري والثقافي المُستَلهَمة من نجاح هذا الحدث والتجربة الرائدة لدولة الإمارات في تشجيع تلاقي الحضارات.