يوم السياحة العالمي يمثل فرصةً للاحتفاء بالدور المتنامي الذي تلعبه السياحة في تعزيز التفاهم بين الشعوب، والتقريب بين الثقافات، وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتبرز السياحة الثقافية كأحد أهم محركات بناء الصورة الذهنية للدول، إذْ تمنح الزوار تجربة أصيلة تُعرّفهم بتاريخ المكان، وتكشف لهم ملامح هويته الحضارية، وتترك في وجدانهم أثرًا عميقًا يتجاوز حدود الزيارة. لقد أدركت دولة الإمارات، بفضل رؤية قيادتها الرشيدة، أن الثقافة تشكل رافدًا أساسيًا لقطاع السياحة، وأن الاستثمار في إبراز الموروث الثقافي والمعالم التاريخية، إلى جانب الفعاليات الفنية والإبداعية، يساهم في ترسيخ مكانة الدولة كوجهة عالمية للتلاقي الحضاري. فمن خلال المزج بين الأصالة والمعاصرة، تقدم الإمارات لزوارها تجربة فريدة تجمع بين التراث العريق والحداثة المتجددة. وتحتضن الدولة اليوم العديد من المواقع والوجهات الثقافية التي أصبحت محطات رئيسية في مسارات السياحة العالمية، مثل المواقع التراثية المدرجة على قائمة اليونسكو في العين والشارقة، والمتاحف العالمية في أبوظبي، وفي مقدمتها متحف اللوفر أبوظبي، إضافة إلى المهرجانات الفنية والموسيقية والسينمائية التي تعكس ثراء المشهد الثقافي المحلي. هذه الوجهات ليست مجرد معالم للزيارة، بل هي منصات للتفاعل والحوار بين الثقافات المختلفة. كما أن السياحة الثقافية تساهم في تعزيز الهوية الوطنية من خلال تعريف الأجيال الجديدة بموروثها التاريخي، وإبراز قيم المجتمع الإماراتي في الانفتاح والتسامح والتعايش. وبذلك تصبح تجربة الزائر انعكاسًا لصورة الإمارات كدولة تحتضن التنوع، وتكرس مبادئ الإنسانية، وتفتح أبوابها للعالم بروح من المحبة والاحترام. إن الصورة الذهنية الإيجابية التي ترتسم في أذهان ملايين السياح الذين يقصدون الإمارات سنويًا لا تتشكل من البنية التحتية الحديثة فحسب، بل من التفاعل المباشر مع عناصر الثقافة، من الفنون والعمارة إلى الضيافة والعادات والتقاليد. وهذا ما يجعل السياحة الثقافية جسرًا فاعلًا لبناء سمعة الدولة وتعزيز حضورها على الخارطة العالمية. وفي قطاع الهوية الوطنية والفنون بوزارة الثقافة نعمل على تعزيز هذه الصورة من خلال برامج ترويجية ومبادرات تهدف إلى إبراز التراث الإماراتي بطرق مبتكرة، ونسعى إلى تمكين المبدعين المحليين والاحتفاء بالهوية الوطنية من خلال دعم المشاريع الفنية التي تعكس قصص الإمارات وتاريخها العريق. في يوم السياحة العالمي، نؤكد أن الاستثمار في الثقافة كرافد للسياحة رؤية استراتيجية تضع دولة الإمارات في صدارة الدول التي توظف قوتها الناعمة لتعزيز مكانتها الدولية. وبالاستمرار في دعم المشاريع الثقافية الكبرى، وتمكين الصناعات الإبداعية، وتوسيع دائرة الفعاليات العالمية، ستبقى الإمارات وجهة مفضلة للباحثين عن تجربة سياحية ثرية تتجاوز الترفيه إلى المعرفة والإلهام.