في
عالمنا هذا الذي لا يستكين ولايتوقف عن العمل والتفكير والتواصل الاجتماعي الافتراضي
تتدفق عبر كل الفتحات موجات هائلة من الدموع التي في الجيوب هنا لا أقصد بالجيوب
مخبأ المال في الهندام وإنما منبع الأفكار في العقول فهناك ملايين من الأفكار
المتدفقة عبر الأثير وعبر المواقع الالكترونية والتواصل الاجتماعي تخرج مقصودة أو
غير مقصودة ، مخطط لها ولم لم يخطط لها ولكن أغلبهم وإن لم يكن كلها في مهب الريح
حالها حال دمع العين الذي لا يكفكفه سوى راحة كفك التي لا تبعد الا مقدار أقل من
متر من عينك وبعدها تجف الدموع وتتبخر ويبقى ملفها في الكتلة الرمادية التي في
رأسك.
هل تعلم
ماذا حدث عندما مرت بك فكرة وتجاهلتها ؟ أو مر بك موقف ولم تصنع منه قصة تحكى؟ ببساطة
ترحل لغيرك في العالم البعيد لتكتشف بعدها بأنك قد مرت بك هذه الفكرة وقد سمعت
بهذه القصة ولكن هناك فرق شاسع بينك وبين من طرحها ثم طبقها ليستفيد منها ويعلنها في
مجتمعه الصغير او المجتمع المفتوح الكبير. كم بكت جيبك أو جيب من يحيط بك يا ترى ولم
تلقي لها بالا؟ ، كم من فكرة قدمها من ترأسهم ولم تكن اليد التي تأخذ بدمع عقولهم؟
كم فكرة تبخرت لم تجد من يحكيها ويطبقها؟ كم من موقف مرّ ناحيتك ولم تستشعر به
عظمة الخالق؟ كم تجاهلت الاستثمار؟
نعم
الاستثمار ، الاستثمار الذي بمجرد سماعه يذهب تفكيرك إلى المال والبنك والعقارات والمشاريع
إلى آخره ويغيب عنك استثمار الإنسان والعقول والجهود والمواقف، قد تسألني حتى
المواقف تستثمر؟ نعم حتى الموقف يصلح أن يكون في قائمة الاستثمار، أذكر في يوم من
الأيام كنت أجلس على أحد مقاعد الدراسة في الجامعة الأمريكية في دبي وحينها كنت أشارك
بقصص حقيقية مرت علي شحصيا وذلك لأقرّب الصورة
إلى ذهن الطلبة والطالبات، وإذا بصوت من الخلف وكأن صاحبه ملتف إلى أفراد مجموعته
على الطاولة المستديرة ليصلني بهذه العبارة " هذه كم عمرها عشان يكون عندها
كل هذه القصص؟" ، بعدها استأذنت معلمي وقلت له هل لي بدقيقة من فضلك خارج
موضوع الدرس أو المحاضرة؟ وبالتأكيد سمح لي بذلك والتفت الى الخلف قائلة : أحبتي
لا أعلم من أين صدر الصوت ولكن أحب الاجابة على السؤال كل القصص التي أحكيها هي
حقيقية وكميتها جاءت بانني لا أترك المواقف تمر مرور التجاهل وإنما اصنع منها قصة
تحكى للعبرة والاستفادة فعندما أرى نملة تبحث عن زميلتها التائهة استشعر بأن
الدنيا ما زالت بخير وأن الله عزوجل وضع الخير في كل شيء حتى في صدر نملة صغيرة.
هكذا الاستثمار لا تجعل الأفكار والمواقف تمر دون أن تستثمرها وأنا اليوم أستمثر
موقف الجامعة لأكتب بعض أسطر مدونتي وأشكر من سألت السؤال شكرا جزيلا فإن لم تسأل
لم تكن هذه القصة بين أسطر مدونتي هذه وأتمنى من الجميع وأصحاب القرار والقادة بأن
لا يتجاهلوا فكرة مهما كانت بسيطة وأن يساعدوا الموظفين في استثمار نبع الجيوب من
أجل جيل يصنع المستقبل.
ختاما
هذا دمعي وهذا قلمي وهذا جيبي المليء بالأفكار التي لن أبخل بها أبدا على بلدي
وعلى العالم
دمتم مستثمرين
بقلم هدى الشحي
مدير مكتب الاستراتيجية والمستقبل _
صندوق الزكاة
Anonymous Commented on 16/02/2022
أحسنت عبارات جميلة دونت من شخص واع يعرف طرق مختلفة لمعنى الاستثمار …وفقك الله ونفع بعلمك البشرية …..خديجه الحمادي
Anonymous Commented on 16/02/2022
جميل ما كتبت والعمر مجرد رقم ونحن من نصنع خبراتنا وتصنع معارفنا ونصنع نجاحاتنا ودمت بود
Popular Searches