عندما أرادت فنلندا، وعلى غرارها سنغافورة، وغيرهما من بلدان العالم
التي سعت إلى نهضة بشرية وتنموية، تكون جذورها ضاربة في عمق الأرض، التفتت أولاً
إلى واقعها التعليمي ومقوماته ومتطلباته، واستدركت أهمية إحداث تغيير جذري فيه،
إلى أن ارتقت في سلم التعليم ومؤشرات التنمية إلى مصاف الأوائل.
هذه الدول تقدم اليوم نماذج ودروساً وعبراً وقصصاً ملهمة للعالم، إذ
اختزلت النجاح في بضع سنوات، كانت كفيلة بأن تقلب فيها الموازين والمسارات والظروف
الصعبة والتحديات، لصالحها.
نحن لسنا بأقل طموحاً أو إرادة من تلك البلدان التي أصبحت اليوم محطة
مهمة في التعليم الحديث الذي يقدم مخرجات نوعية تنافسية، نمتلك الإرادة والعزيمة
والطموح والرؤية والإمكانات، مقرونة بقناعات راسخة غرسها الوالد المؤسس زايد، طيب
الله، ثراه في أبنائه، وأصبحت تولد فيهم الطموح نحو التفرد والإنجاز.
إن أي فكرة جديدة، يكون لها مؤيد ومعارض، وهذه سُنة كونية، فلولا
اختلاف الأنظار لبارت السلع، والتعليم هو استثمار في المستقبل، لكن يجب أن يكون
النقد بنّاء ووفق مبررات سائغة وواضحة وسليمة، وأن يكون الاختلاف من أجل التحسين.
مضت 5 أعوام على بدء تطوير المدرسة الإماراتية، وما تبعها من برامج
وخطط وسياسات تعليمية، وقد يتساءل البعض ما الفرق الذي أحدثته هذه المنظومة؟ وهل
نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟ لكل المترددين والمشككين وأيضاً الداعمين، نقول،
نمتلك اليوم مناهج دراسية بمعايير عالمية، بجانب مسارات تعليمية تتكيف مع قدرات
طلبتنا، نمتلك نظاماً تعليمياً يحمل بين ثناياه مئوية الدولة بتطلعاتها وبرامجها
وخططها.
اليوم نؤسس لجيل جديد أخذ يتشرب المفاهيم التعليمية الحديثة لمواكبته
انطلاقة المدرسة الإماراتية، بما تحمله من سمات ومعارف وقيم ومهارات نكرسها فيه، اليوم
لم نعد نعتمد على التلقين بل أصبح الفهم والتفكير الناقد والمهارية ميزة الطالب
الإماراتي، اليوم لدينا استراتيجية للتعليم العالي تواكب مستقبل القطاعات التنموية
الأخرى ومتطلبات سوق العمل، اليوم تعليمياً، نحن أكثر استعداداً للمستقبل من أي
وقت مضى، فالرؤية واضحة والمستهدفات وضعت بعناية ودقة متناهية، لبلوغها.
اليوم كذلك، أضحت المدرسة الإماراتية حاضنة للإبداع والمبدعين، ولها
أدوار مجتمعية وتشاركية عدة، نلمسها في تفاعل أولياء الأمور ومشاركات طلبتنا
وإبداعاتهم وطموحاتهم، وآمالهم، نلمسها عندما نتحدث إليهم، فيما يتصل بتطلعاتهم،
فيبادرون بالقول إنهم يريدون معانقة الفضاء، ودراسة علوم الهندسة، والجينات،
والرياضيات، والروبوت والذكاء الاصطناعي، نستشعرها عندما يؤكدون أن طموحهم هو
الوصول إلى المركز الأول الذي غرسته القيادة الرشيدة في فكرهم ونهجهم وحياتهم.
نحن على المحك، فإما أن نكون أو لا نكون ذلك الرقم الصعب والحالة
الاستثنائية في المنطقة تعليمياً، ولا شك أن الجميع يشاطرني هذا الحلم الذي أصبح
قاب قوسين أو أدنى، بتضافر الجهود وتكاتف الجميع والإيمان بأهمية التغيير وقدرتنا
على النجاح في مسعانا النبيل هذا، متمسكين بنظرة تفاؤل نحو مستقبل مشرق، وتعليم
مستدام، بإذن الله. معالي حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم
11 Comments
Anonymous
Commented on 25/06/2019
نتمنى أن نرى نظاما تعليميا عالميا يحتذى به و نفخر به كشعب
Anonymous
Commented on 25/06/2019
التعليم هو استثمار في المستقبل و لا سبيل لذلك إلا بالجهد و المثابرة ..وفقكم الله للأفضل