عايدة الشحي، مديرة الأمان الإشعاعي، الهيئة الاتحادية للرقابة النووية
يشهد الساحة العالمية الخاصة بالوقاية من الإشعاع تطورًا سريعًا ، في ظل سعي الدول لتحقيق ضرورتين أساسيتين هما توسيع نطاق التطبيقات النووية السلمية وضمان حماية فعالة للصحة العامة والبيئة. ويسلط الدليل الإرشادي بعنوان "البحث والتطوير في مجال الوقاية من الإشعاع في دولة الإمارات"، التي أطلقته دولة الإمارات العربية المتحدة مؤخرًا، الضوء على هذا الموضوع الهام عالمياً من خلال تقديم نموذج استراتيجي يدمج الابتكار التكنولوجي مع معايير السلامة. ولا يقتصر هذا النهج على معالجة المخاطر الإشعاعية المحتملة فحسب، بل يُسهم أيضًا في البنية التحتية الدولية للوقاية من الإشعاع.
أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة مرة أخرى ريادتها الثاقبة في القطاع النووي والإشعاعي بإطلاق الدليل الإرشادي بعنوان "البحث والتطوير في مجال الوقاية من الإشعاع في دولة الإمارات"- وهو الأول من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي. ويعكس هذا الدليل الإرشادي التزام الدولة الراسخ بالصحة العامة وحماية البيئة والتميز العلمي.
يقدّم هذا الدليل الإرشادي خارطة طريق استراتيجية لتعزيز القدرات الوطنية في مجال الوقاية من الإشعاع. وتُحدّد أولويات البحث الأساسية والمسارات التكنولوجية لدعم الاستخدام الآمن للإشعاع المؤين في القطاعات الطبية والصناعية والبيئية والطاقة. وبدءًا من تطوير معايير السلامة الخاصة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وصولًا إلى دمج التقنيات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي في مختلف ممارسات الوقاية من الإشعاع، تهدف المبادرة إلى بناء بنية تحتية جاهزة للمستقبل في مجال السلامة ، مُصمّمة خصيصًا لتلبية احتياجات دولة الإمارات العربية المتحدة.
يأتي هذا الإطلاق في وقت مهم، حيث يجب أن يتضافر الابتكار والتميز الرقابي لمواجهة التحديات الناشئة في التطبيقات الإشعاعية. ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير الوطني، تُرسي دولة الإمارات العربية المتحدة أساسًا متينًا لاتخاذ القرارات القائمة على الأدلة، وتحسين التأهب لحالات الطوارئ، وتحقيق الاستدامة طويلة الأمد، والتقدم في ممارسات الوقاية من الإشعاع. كما تُعزّز المبادرة التعاون بين القطاعات من خلال الجمع بين الهيئات الرقابية والمؤسسات الأكاديمية والجهات الفاعلة في الصناعة لتعزيز نهج موحد ومتعدد التخصصات للسلامة والابتكار.
تماشياً مع رؤية الإمارات المئوية 2071، تُعدّ مبادرة البحث والتطوير ركيزةً استراتيجيةً في طموحات الدولة الأوسع نطاقاً لتصبح رائدةً عالمياً في العلوم والتكنولوجيا والتطوير النووي السلمي. فهي لا تُرسّخ مكانة الإمارات كرائدة إقليمية فحسب، بل تُساهم أيضاً كفاعلة في البحث والتطوير الدولي. وتعكس المبادرة التزام الإمارات بالتزاماتها الدولية والتزامها بتعزيز البنية التحتية العالمية للوقاية من الإشعاع.
بإطلاق هذه المبادرة الأولى من نوعها، تُرسي الإمارات معياراً جديداً للمنطقة، معياراً يضع العلم والسلامة والتعاون في صميم التقدم الوطني. ويُقدّم نموذج الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يُجسّد كيفية تضافر الابتكار والتنظيم لضمان أعلى معايير الحماية العامة والبيئية. ومن خلال هذه المبادرة، تُؤكّد الإمارات دورها كقائد مسؤول وذو رؤية مستقبلية في المجتمع النووي العالمي.