نحو مراكز بريدية تخدم الإنسان والمجتمع

20/06/2025 البنية التحتية | بريد الامارات

 40     0

هل لا تزال مراكز البريد تواكب إيقاع الزمن؟ وهل يمكن لمرافق خدمت أجيالًا في إيصال الرسائل أن تعود اليوم لتكون نقطة التقاء جديدة بين المجتمع والخدمة العامة؟

إن التحولات الرقمية والتوقعات المتنامية من المتعاملين والعولمة التي لم تترك مجالًا إلا وبلغته، فرضت على مؤسسات الخدمات حول العالم إعادة التفكير في أدوارها الأساسية. وقد بات لزامًا علينا في القطاع البريدي، ألّا ننظر إلى مراكزنا بوصفها مجرد محطات لفرز الطرود وتوزيع الرسائل، بل كمنصات مجتمعية متكاملة، قادرة على تعزيز جودة الحياة وخدمة المتعاملين بطرق مبتكرة وشاملة.

إن التجربة العالمية اليوم غنية بالنماذج التي تثبت أن إعادة تعريف دور مراكز البريد لم يعد خيارًا، بل ضرورة استراتيجية. ففي الهند، أطلقت الحكومة مراكز الخدمة المشتركة، والتي تحوّلت عبرها مكاتب البريد في القرى إلى نقاط تقدم مئات الخدمات الحكومية والمالية والرقمية، ما أدى إلى تحسين مستويات المعيشة وسد الفجوات في الخدمات الأساسية. وأطلق البريد الإيطالي تطبيقاً يتيح للمواطنين تنفيذ عدد كبير من الخدمات الحكومية والمالية من خلال منصة واحدة مرتبطة بالبريد. وفي الولايات المتحدة، بدأت نقاشات جدية حول دور البريد في دعم الشمول المالي، من خلال تقديم خدمات مالية أساسية لملايين المواطنين الذين لا يملكون حسابات مصرفية. ووفقًا لدراسة صادرة عن مكتب المفتش العام للخدمة البريدية الأمريكية*، فإن 40% من المشغلين البريديين الأعضاء يقدمون خدمات حكومية ومالية من خلال مراكزهم، لتؤكد أن البريد لم يعد مجرد ناقل للمراسلات، بل شريك حقيقي في التنمية الوطنية.

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تقود الحكومة مسيرة التحول الرقمي والارتقاء بجودة الخدمات الحكومية، فإن بريد الإمارات يملك المقومات والبنية التحتية والمكانة المجتمعية التي تؤهله لأن يكون جزءًا من هذه المعادلة المتقدمة. ومن خلال إعادة تصميم المراكز البريدية كمراكز خدمات مجتمعية متكاملة، يمكننا أن نقدم خدمات الشحن والتوصيل بالتعاون مع شركات القطاع الخاص، ونوفر خدمات حكومية ذكية، ونسهّل على المتعاملين الخدمات الرقمية والمصرفية، خاصةً في المناطق التي لا تتوفر فيها خيارات متعددة.

وقد بدأت هذه الرؤية بالتحقق على أرض الواقع، إذ أصبح بريد الإمارات اليوم يوفّر من خلال فروعه خدمات شركات الشحن العالمية مثل "أراميكس" و"فيديكس"، مع التوجّه لإضافة المزيد من الشركات قريبًا، بما يعكس الالتزام بتوسيع نطاق الخدمة، وتوفير خيارات متعددة في مكان واحد، بما يخدم راحة المتعامل ويعزز من كفاءة المنظومة اللوجستية.

هذه ليست مجرد فكرة طموحة، بل رؤية عملية تنسجم مع أهداف حكومة دولة الإمارات في خدمة الإنسان أولًا، وتعزيز الكفاءة وتوسيع نطاق الوصول إلى الخدمات. فالمركز البريدي الذي كان بالأمس نافذة للاتصال، يمكن أن يكون اليوم نافذة شاملة للحياة، ومركزًا يرتقي بتجربة المتعامل، ويساهم في دعم المجتمع، ويعكس تطور الدولة ومرونتها في استيعاب احتياجات الحاضر والمستقبل.

-انتهى-

 

*دراسة مقارنة للنماذج البريدية الدولية، رقم RISC-WP-25-001،27 فبراير 2025

Your Comment

No Comments


Need Help

Need Help Description

(success)

Popular Searches

Start chat button